تمر اليوم الذكرى الـ247 على رحيل الوالى المملوكى فى عصر الدولة العثمانية على بك الكبير، الذى حكم القاهرة كشيخ البلد أيام العثمانيين، حيث كان زعماء المماليك يتولون منصب شيخ البلد (أى حاكم) القاهرة، وكان هذا المنصب أعلى المناصب التى يتقلدها المماليك البكوات، وعلى بك الكبير (1728م - 8 مايو 1773م)، هو مملوكى حكم القاهرة أيام العثمانيين، وأحد أشهر المماليك الذين حاولوا الاستقلال بمصر عن الدولة العثمانية، لكن تعرضه للخيانة على يد محمد أبو الدهب، أنهى مشروعه الاستقلالى وأدى إلى قتله.
وبحسب كتاب "القدس فى العهد العثمانى (1640 - 1799 م): دراسة سياسية، عسكرية، إدارية" للدكتور أحمد حسين عبد الجبورى، فمحمد أبو الدهب كان مملوكا جركسيا، اشتراه على بك الكبير والى مصر فى أوائل ستينيات القرن الـ18، وأصبح قائدا للقوات المصرية بعد تفرد على بك بالسلطة فى مصر، ثم تمرد عليه وقتله وتولى حكم مصر بنفسه.
ويتعاطف الكثيرون مع على بك الكبير على ذكر الخيانة التى تعرض لها على يد مساعده محمد أبو الدهب، ومحاولته الاستقلال عن الدولة العثمانية الغازية، فهل كان على بك الكبير، حاكما مخلصا للبلاد، أم فاسدا قادته أطماعه فقط للحكم؟.
يبدو أن كتب التاريخ مختلفة على ذلك، مجدت مادة التاريخ فى شخص على بك كون أن فساد الدولة العثمانية وولاتها فى مصر بشكل عام، حولوا على بك الكبير إلى بطل لمحاولته الاستقلال عن تلك الدولة، لكن المنهج المدرسى وقع فى خطايا تاريخية كبرى أهمها على الإطلاق أنهم لم يكشفوا حقيقة على بك الكبير ومبرر ذلك الهوى الجمعى فى كتابة التاريخ المدرسى.
وبحسب الباحث وسيم عفيفى، الأصل المملوكى فى حقيقة على بك الكبير منعدم، فهو من المماليك صفةً لا نسبًا وبالتالى محاولة مباركة حركته للاستقلال على أنها حق من حقوقه كون أن مصر مملوكية منذ أيام قطز وبيبرس وخلفاءهما، هى محاولة يائسة، لافتا إلى أنه لم يكن الهدف الرئيسى من حركة على بك الكبير هو الاستقلال المصرى عن الدولة العثمانية، هو فى الأساس كان يريد البقاء فى حكم مصر بأى شكل، نظرًا للصراعات الدموية حول السلطة، وبالتالى فإن فكرة الاستقلال عن الدولة العثمانية جاءت كتحصيل حاصل وليس كهدف حلم به يومًا.
شجع فساد تركيا وانهيار دولة بنى عثمان على أن يستقل على بك الكبير بمصر بتحالف مع روسيا التى هزمت الدولة العثمانية فى حربها، يضاف إلى ذلك أن ما كان يفعله ولاة الدولة العثمانية من مظالم فعلها على بك الكبير نفسه لدرجة أن الجبرتى حكم عليه بأنه صاحب فكرة سلب الأموال ونهب الدور على الطريقة المملوكية.
وواصل الباحث فى دراسته بعنوان "حقيقة على بك الكبير" يبقى شىء فى حقيقة على بك الكبير وهو أنه لم يرتكن إلى الشعب المظلوم من ولاة العثمانيين، وإنما قوى ظهره بالروس من خلال معاهدة التحالف التى أبرمها مع البارون كندراتى فون تونوس، وكان هذا هو الفرق بين محمد على باشا وعلى بك الكبير فى محاولة الاستقلال بحكم مصر عن العثمانيين.