"أرى الماضى حطاماً والمستقبل براعم لم تتفتح بعد، وإنما بينهما أعيش، كل شيء مشوش، غامض، فلا القديم مات كلياً ولا الجديد ولد فعلاً ".هكذا قال الروائى الفرنسي جوستاف فلوبير، الذى تمر اليوم ذكرى رحيله، إذ رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 8 مايو 1880م، داخل صومعته بباريس.
جوستاف فلوبير الذى ولد في 12 ديسمبر عام 1821، لأب يعمل طبيباً، وبسبب نزعة الخجل التي كان لدى جوستاف، التحف بالمدرسة متأخرا في عمر تجاوز عمره العاشرة، ومال بالمدرسة لدراسة التاريخ، حيث شغف بقصصه، وكتب العديد من المسرحيات التي قام بتمثيلها مع أخته الوحيدة، في المنزل، وهما في سن صغير.
كتب جوستاف فلوبير دون علم أبيه الذى كان يريد أن يجعل ابنه جراحا، ولكن جوستاف صارحه بأنه لا يرغب في ذلك، فاتختار الأب له أن يكون محاميا، فأرسله إلى جامعة في باريس لدراسة الحقوق، ولكنه رفضها أيضا واحترف الأدب، ليكتب العديد من المسرحيات والورايات.
رحل والده واخته الوحيدة فى عام 1845م، لينتقل بعدها إلى ضيعة على ضفة نهر السين، وظل هناك طيلت حياته، حيث وضع لنفسه برنامجا قاسيًا، حيث كان يستيقظ في العاشرة صباحا ويبدأ بمطالعة الصحف والرسائل الواردة إليه، ثم يتناول غذاء خفيفا فى الحادية عشرة، ويقضي الساعتين التاليتين متكاسلا في الشرفة أو جالسا في جناحه يقرأ، وفي الساعة الواحدة ينكب على الكتابة حتى الساعة السابعة مساءا، ثم يتناول عشاءه ويقوم بجولة في الحديقة ثم يعود بعدها ليستأنف الكتابة حتى ساعة متأخرة من الليل.
امتنع جوستاف فلوبير عن الزواج بسبب مرض الصرع ، برغم انه وقع اكثر من مرة في قصص الحب، كان أول مؤلف مشهور له: " التربية العاطفية " (1843 – 1845)، ثم "مدام بوفاريى" 1857 م، التي تمتاز بواقعتيها وروعة أسلوبها، تم منعها حيث أثارت غضبًا أخلاقيًا عند نشرها فى عام 1857، تم محاكمة فلوبيروناشريه بسبب الفحش ولكن تمت تبرئته لاحقًا من أجل القصة التى تستند إلى شئون شعور المرأة المتزوجة بالملل.
ثم تابع تأليف رواياته المشهورة منها: " سالامبو" 1862، و"تجربة القديس أنطونيوس "1874، ويعتبر فلوبير يكتب بأسلوب دقيق، ويختار اللفظ المناسب والعبارة الملاءمة.
وفى تمام الساعة الحادية عشرة صباح يوم 8 مايو عام 1880 دخلت عليه الخادمة حجرة مكتبه حتى تقدم إليه الطعام فوجدته ملقى على الأريكة يتمتم بكلمات متقطعة غير مفهومة، فسارعت إلى إحضار الطبيب الذى لم يستطع إنقاذه.