أول حبة فى سبحة المنشدين، قيثارة السماء، الذى طالما جعل للقرآن معنى آخر فى أذن المستمعين وزاد بتلاوته حلاوة أخرى بصوته الفريد الرائع، فاستحق أن يطلق عليه قيثارة السماء، هو القارئ الشيخ محمد رفعت، الذى تحل اليوم 9 مايو ذكرى ميلاده ووفاته معا.
الشيخ محمد رفعت (9 مايو 1882 - 9 مايو 1950) قارئ قرآن مصري ويعد أحد أعلام هذا المجال البارزين، من مواليد القاهرة، يلقبه محبوه بـ "قيثارة السماء" هو من افتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وعلى الرغم من ذلك لم تصل إلينا تسجيلاته القرآنية البديعة كاملة.
واستطاع محبو الشيخ أن يجمعوا 278 أسطوانة تضم 19 سورة مدتها 21 ساعة، وأعادوا تسجيلها وقدمت للإذاعة فى مطلع الستينيات.
وبحسب الكاتب عمر طاهر، فإنه كان ممكنا أن يسجل شيخنا القرآن كاملا فى الإذاعة، لولا حدوث نوع من سوء الفهم على يد الشاعر والصحفى أبو بثينة، فقد كان أبو بثينة وسيطا بين الإذاعة البريطانية "B.B.C" والإذاعة المصرية من جهة، والشيخ محمد رفعت من جهة أخرى، ليسجل شيخنا القرآن بأكمله ويصبح حق الانتفاع به للإذاعة.. وذهب للشيخ رفعت، الذى لم يبد معارضة وطلب أجرا معينا كنوع من الضمان لمستقبل أولاده، وطلب مقابل تسجيل الشريط - ومدته ساعة - مائة جنيه، ومقابل الاستخدام مائة جنيه أخرى، ومقابل الانتفاع خمسة جنيهات، لتسجيل عشرة شرائط فقط، أى أن المقابل الذى سيتم دفعه 2000 جنيه، وبالفعل أرسل الشيخ للإذاعة البريطانية فى لندن شريطين، الأول يحمل تسجيلا لسورة "آل عمران" والآخر لسورة "مريم"، لكن أبو بثينة أرسل لمدير الإذاعة البريطانية رقما خاطئا، فقد أخطأ فى حساب المبلغ المطلوب وأرسل لهم ما يفيد بأن الشيخ يطلب أكثر من عشرين ألف جنيه، وبالطبع رفضت الإذاعة البريطانية هذا الرقم الخرافى.
أما الإذاعة المصرية فلم تكن لتقوم بالتسجيلات، لأنها كانت تمتلك عشرين شريطا من نوع ماركونى، وهو نوع ثقيل جدا لا يحمله أقل من أربعة أشخاص، كانت الإذاعة تسجل على الشريط مرة واحدة، ثم تقوم بمسحه -بعد إذاعته، لتسجل مادة جديدة.
وأوضح "طاهر" فى كتابه "صنايعية مصر" أنه كان من السهل أن يضيع صوت الشيخ رفعت إلى الأبد، لولا بعض محبيه الذين كانوا يحتفظون ببعض تسجيلاته بالصدفة البحتة، وأولهم زكريا باشا مهران، عضو مجلس الشيوخ، والذى كان من عشاق الشيخ رفعت، وواحدا من ضمن قليلين يمتلكون جهاز تسجيل الأسطوانات، وكانت مدة الأسطوانة فى هذا الوقت دقيقتين و45 ثانية، فكان يقوم بتسجيله بواسطة جهازين، حتى لا يضيع أى شىء من تلاوة الشيخ رفعت.
وأوضح الكاتب إلى أن الجهد الذى تكبده زكريا بشا مهران، فى تسجيل تلاوة الشيخ رفعت كانت سبلا فى تسجيل ما يقرب من 95% من تراث الشيخ.