فى 15 مايو من عام 1971 قام الرئيس محمد أنور السادات بأقوى حركة مكنته من مقاليد الحكم، وذلك فى 15 مايو عام 1971، فى حركة عرفت باسم "ثورة التصحيح" أطاح فيها بما كان يسمى "مراكز القوى" وهم هؤلاء المتبقين منذ زمن الزعيم ناصر، وكانوا يضيقون الخناق حول "السادات".
ومن أبرز الشخصيات التى وقع إبعادها، نائب رئيس الجمهورية على صبرى، وزير الدفاع محمد فوزى حاخوا، رئيس المخابرات العامة أحمد كامل، وزير الداخلية شعراوى جمعة، وزير الإعلام محمد فائق، رئيس البرلمان محمد لبيب شقير، سكرتير رئيس الجمهورية سامي شرف.
ونتوقف عند كتاب "وثائق 15 مايو" لموسى صبرى والذى يكشف، حسبما ذكر فيه، أخطر الأسرار السياسية، وأدق الأحداث التى جرت وراء كواليس الحكم، منذ قامت ثورة 23 يوليو، حتى صححت مسارها ثورة 15 مايو ، كان كل ما جرى حبيس الجدران، لا تعرفه إلا حلقة الحكم الضيقة، وقد حرص أبطال هذه الحلقة الضيقة على كتمانه.
وقد أمضى المؤلف وقتا طويلا، منذ وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، وبعد أن تولى الرئيس أنور السادات رياسة الجمهورية، وهو يفحص وينقب ويجرى وراء الأسرار، حتى اكتملت له فصول هذا الكتاب الذى يروى قصة الصراع على السلطة وكيف بدأت بين عدد من أعضاء الجمعية التأسيسية للضباط الأحرار وبين جمال عبد الناصر قبل أن تقوم الثورة ، ثم كيف بدأ الصراع الرهيب بين أقرب صديقين وهما جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر ، ثم صراعات عديدة ومريرة واكبت هذا الصراع الجوهرى حتى وفاة عبد الناصر، وكيف نشأت هذه الصراعات و كيف تطورت، ولماذا ظل السادات بعيدا عنها، وكيف جرت العلاقات بين عبد الناصر والسادات حتى اختاره نائبا لرئيس الجمهورية قبل وفاته بعام واحد، ثم كيف واجه أنور السادات مراكز القوى إلى أن انتهى الأمر بقضية المؤامرة المشهورة.
ومما ورد فى الكتاب:
أرادت مراكز القوى أن تدخل الاختبار الثانى للقوة مع الرئيس السادات، قرروا أن يوجهوا للرئيس إنذارا، واختاروا سامى شرف لكي يحمل هذا الإنذار.
وحمل سامى شرف الإنذار، وطلب لقاء الرئيس لعرض أوراق الدولة عليه.
توجه إلى استراحة القناطر، وكان ذلك فى مارس 1971 وبعد عودة الرئيس السادات من رحلته الأولى إلى الاتحاد السوفيتى التي تعجل فيها إرسال بطاريات الصواريخ للدفاع عن الصعيد.
وبعد أن عرض الأوراق، بدأ سامى شرف يتكلم بعبارات غير واضحة عن مسئوليات رياسة الوزارة وعن بطء الإجراءات وعن أن البلد تحتاج إلى السرعة والحزم وهذا ما تفتقده طبيعة الدكتور فوزى، فاستوقفه الرئيس السادات قائلا:
أنت مالك بتلف وتدور على إيه؟ تكلم بوضوح ودوغرى، ماذا تقصد بهذا الكلام تماما؟
وأخيرا تماسك سامي شرف وأوضح حقيقة نواياه، قال إن شعراوى جمعة هو أصلح من يتولى رياسة الوزارة، فرد السادات على الفور:
أنا يا بنى مش قلت لكم إن سمعتكم سيئة.
سامى شرف: البركة فيك يا أفندم.. سيادتك الضمان
الرئيس: طيب يا بني ادونى وقت.. لغاية ما تحسنوا صورتكم أولا عند الناس.
ثم قال السادات بحزم قاطع: لا تغيير الدكتور فوزي سيستمر رئيسا للوزارة وهذا الموضوع لا يثار معى مرة أخرى.
ولم ينطق سامي شرف، ولم يجد كلمة يعقب بها على قرار الرئيس، وأصابه ارتباك واضح.