تعتبر رواية "الأنفس الميتة" للروائي الروسى نيقولاى جوجول، الصادرة في عام ١٨٤٢، من أجمل روائع الأدب النثرى فى روسيا، بل إنها صنفت ضمن أفضل 100 عمل أدبى على مر العصور، وفقا لإحصاء مكتبة بوكلوبن العالمية عام 2002، وقد وصفها الكاتب نفسه بـ"القصيدة"، وبـ"رواية من الأبيات".
تدور الرواية في روسيا القيصرية قبل تحرير العبيد في 1861، حيث المكانة الاجتماعية لملاك الأراضى كانت تأتى من عدد "الأنفس" أو الأقنان لديهم، وكان مُلاك الأراضى مجبرين على دفع ضريبة عن كل نفس، رغم احتمال وفاة بعضهم، حتى قدوم التعداد السكانى التالى، ويكتشف أحد موظفى الدولة فرصة للثراء عبر شراء "الأنفس الميتة" بأسعار زهيدة، وحول هذه الخطة تدور قصة بطل الرواية تشيتشكوف الذى يجول فى أنحاء القرى في روسيا، متنقلاً مع سائقه بعربة مع ثلاثة أحصنة، ناقلاً بانوراما للأرياف من خلال شخصيات محلية يرسمها بطريقة هزلية مبيناً عيوبها.
في "الأنفس الميتة" يقدم الكاتب الساخر، شكلاً جديداً من الأدب يميل للطابع الكاريكاتورى الساخر فى إبرازه طبيعة النفس البشرية، وفى تصويره لمجتمع مالكى الأراضى يقسم أولئك إلى بدناء سمان بوجوه مستديرة يحتلون المقعد الأمامى دائماً ويجلسون بثبات وثقة أينما كانوا، ويجمعون الثروات الكبرى، فيما النحيف بينهم لن تجد عنده فلاحاً لم يرهنه، ويتحدث بصراحة عن الفساد الذي يغذي طبقة من المسئولين الحكوميين، بما في ذلك بطل الرواية تشيتشكوف الذى يتفوق على زملائه بطرق الرشوة والابتزاز بأدبه ولباقته، حتى يقول مقدمو الطلب بدائرته الحكومية "هذا الرجل جوهرة لا تقدر بثمن" قبل أن يتحسروا على سلفه.
حملت الرواية رسالة موجعة جداً وهو كيف تصبح معركة الحياة عملية احتكار ومقايضة وحق التصرف في بيع الإنسان، أو انتهاكه.