تزخر الفلسفة الهندية، بتنوع فلسفاتها والتقاليد العريقة التى تعود لأزمان قديمة وهى ستة فلسفات تتكون منها شبه القارة الهندية الهند وفقا لما قال راداكريشنان وهى تشكل واحدة من منظومة العقائد الفلسفية فى العالم، ومن أهم الكتب التى حاولت توضيحها وتبسيطها كتاب "الفلسفة الهندية: مقدمة قصيرة جدا" تأليف سو هاميلتون، وترجمة صفية مختار.
تزخر الهند بتراث غني ومتنوع من الفكر الفلسفي يمتد لنحو ألفين وخمسمائة عام، وحتى وقت قريب كان الاعتقاد الشائع أن الهند "صوفية" والغرب "عقلاني"، وما زال كثيرون يتبنون تلك النظرة، غير أن الفكر الهندى فى واقع الأمر يتمتع بتراث عقلانى قوى، كما يوضح هذا الكتاب الذي تستعرض فيه سو هاميلتون البدايات الأولى للفلسفة فى الهند، وتوضح فيه كيف ولماذا تطور النقاش الفلسفى وازدهر وأسفر عن مجموعة متنوعة من المدارس الفكرية.
تجذب هاميلتون القارئ إلى عالم الفلسفة الهندية "الكلاسيكية"، من خلال إلقاء الضوء على سماتها الأساسية، وتوضيح الطرق المختلفة التى فسر بها المفكرون الهنود العظماء طبيعةَ الحقيقة، وسعوا بها إلى فهمها.
ومن أشهر سمات الفلسفة الهندية هى الكارما والميلاد المتكرر من السمات المميزة لرؤية العالم فى الفلسفة الهندية، والكارما مشتقة من الكلمة السنسكريتية "كارمان"، ومعناها الحرفى "الفعل"، وتوحى طريقة استخدام المصطلح بوجود عواقب لكل فعل، وتشير الكارما إلى آليات عواقب الفعل التى تعد أحد قوانين الطبيعة.
والمصطلح نفسه حيادي، لكن الثقافات باختلاف أنواعها تربط القيم بهذا المصطلح بطرق مختلفة، وعلى نحو مشابه، يختلف مركز آلية عواقب الفعل باختلاف الثقافات، أما عن أسباب ارتباط كلمة كارما بعواقب الفعل، فهي مرتبطة بطقوسِ تقديم القرابين؛ إذ كان يعتقد أن القيام بتقديم القرابين يحقق عواقب محددة بعينها تجعل الكون يسير على أفضل وجه، وكانت الأفعال الشعائرية المرتبطة بها عواقب معينة إما مادية أو لفظية (فقد كان يعتبر إصدار الأصوات "فعلا" من الأفعال، وكانت الدقة ضرورية كي تكون الآليات فعالة، وعلى هذا النحو، فالذي كان يجعل أحد الأفعال سليمًا أو صالحًا هو دِقَّتُه، وكانت القِيَم المرتبطة بهذا الفهم للكارما ليست قيمًا متعلقة بالأخلاقيات.