منذ بدء الإجراءات الحكومية الاحترازية لمواجهة تفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، وتم إغلاق جميع المقاهي والكافيهات لحد من انتشار انتقال العدوى، وهو الإجراء الذى اتخذته أغلب دول العالم بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية.
والمقهى هو مكان عام يجلس الناس فيه لشرب القهوة أو الشاى أو تدخين النارجلية أو الشيشة وشرب العصائر والمشروبات الغازية أو تناول الحلويات، ويعتبر بمثابة مجلس للشباب فيتجمعون ويتبادلون الأحاديث.
وبحسب كتاب "ملامح القاهرة فى ألف عام" للأديب الراحل جمال الغيطانى، هكذا دون الكاتب الراحل، جمال الغيطاني، الصادر عن دار نهضة مصر للطباعة والنشر، لا يوجد مرجع تاريخى يحدد هذا التاريخ بالتحديد، ولم تخصص دراسة لرصد تضاريس هذا العالم، ولكن الذى لا شك فيه أن المقهى كان جزءا من الحياة القاهرية، منذ أن اتسعت القاهرة ولم تعد الحياة قاصرة فيها على الخلفاء الفاطميين وحاشيتهم، ولا شك أن المقهى كان موجودا بشكل مختلف عما نعرفه الآن، فالقهوة التى استمد منها المكان اسمه لم تدخل مصر إلا فى القرن السادس عشر الميلادى.
وقيل إن أول من اهتدى إليها هو أبو بكر بن عبدالله المعروف بالعيدروس، وكان يمر فى سياحته بشجر البن فاقتات من ثمره حين رآه متروكا كثرته، فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر، وتنشيطا للعبادة، فاتخذه طعاما وشرابا، وأرشد أتباعه إليه، ثم وصل أبو بكر إلى مصر عام 905 هجريا، وهكذا أدخل الصوفية شراب القهوة إلى مصر، واختلف الناس فى البداية حول هذا المشروع الجديد، وهل هو حرام أم حلال.
فى مطلع القرن العاشر الهجرى، حسمت مشكلة تحريم القهوة أو تحليلها، وانتشرت فى القاهرة الأماكن التى تقدمها، وأطلق عليها اسم "المقاهى"، ويبدو أن هذه الأماكن كانت موجودة من قبل ذلك بمئات السنين، ولكن لم يطلق عليها اسم المقاهى، لأن القهوة نفسها لم تكن دخلت إلى مصر.
ويرى "الغيطانى" ربما كان أدق وصف وصل إلينا عن المقاهى، ما كتبه المستشرق الإنجليزى، إدوارد وليم لين، فى كتابه "المصريون المحدثون"، والذى يقول فيه "إن القاهرة بها أكثر من ألف مقهى، والمقهى غرفة صغيرة ذات واجهة خشبية على شكل عقود، ويقوم على طول الواجهة، ما عدا المدخل مصطبة من الحجر أو الآجر، تفرش بالحصر ويبلغ ارتفاعها قدمين أو ثلاثة وعرضها كذلك تقريبًا، وفي داخل المقهى مقاعد متشابهة على جانبين أو ثلاثة، ويرتاد المقهى أفراد الطبقة السفلى والتجار، وتزدحم بهم عصرًا ومساءً، وهم يفضلون الجلوس على المصطبة الخارجية، ويحمل كل منهم شبكه الخاص وتبغه، فيما يقدم (القهوجي) القهوة بخمس فضة للفنجان الواحد، أو عشرة فضة للبكرج الصغير الذى يسع ثلاثة فناجين أو أربعة".
ويضيف: "كما يحتفظ القهوجي بعدد من آلات التدخين من نرجيلة وشيشة وجوزة، وتُستعمل هذه الأخيرة في تدخين التمباك والحشيش الذى يُباع في بعض المقاهي، ويتردد الموسيقيون، والمحدثون على بعض المقاهي، تحديدًا في الأعياد الدينية الخاصة".
وفي كتاب وصف مصر، الذى أعدته الحملة الفرنسية، جزء عن المقاهي في زمن الحملة، والذى يقول: "تضم مدينة القاهرة حوالى 1200 مقهى بخلاف مقاهى مصر القديمة وبولاق، حيث تضم مصر القديمة 50 مقهى أما بولاق، فيبلغ تعداد مقاهيها المائة، وليست لهذه المباني أية علاقة بالمباني التى تحمل نفس الاسم في فرنسا، إلا من حيثُ استهلاك البن، على الرغم من أن هذا المشروب يُعد ويشرب بطريقة مختلفة".
ويصف المقاهي نفسها قائلاً: "هى مبان ليس لها أثاثات على الإطلاق ولا مرايا أو ديكورات داخلية، فقط (دكك) خشبية تُشكل نوعًا من المقاعد الدائرية بطول جدران المبنى، وكذلك بعض الحصر من سعف النخيل، أو أبسطة خشنة الذوق في المقاهي الأكثر فخامة بالإضافة إلى بنك خشبي عادي بالغ البساطة".