فى اليوم الخامس من شهر يونيو عام 1967 شهدت مصر نكسة كبرى بهجوم قوات الاحتلال الإسرائيلى عليها، وقد استطاعت مصر أن تغسل عار الهزيمة وتنتصر بعد 6 سنوات، لكن دعونا نقرأ ما قالته الكتب عن الصراع العربى الإسرائيلى، ونتوقف اليوم مع كتاب "الوجه الآخر لهزيمة العرب" لـ محمد عبد العزيز ربيع.
وعالج المؤلف فى هذا الكتاب الصراع العربى - الإسرائيلى ويحلّل الأبعاد الحضارية والسياسية لهزيمة 1967، وحرب 1973، وزيارة السادات للقدس ومعاهدة كامب دافيد، ودور المقاومة الفلسطينية فى الصراعات الداخلية فى الأردن ولبنان.
ويرى الكتاب أن تجربة الأمة العربية تميزت بقيام أنظمة الحكم العربية قديما بالعمل الدائب، بوعى أحياناً وبدون وعى فى غالبية الأحيان الأخرى، على طمس الحقيقة والحيلولة دون تسجيل الوقائع بأمانة، وبالتالى الحيلولة دون تكوين ذاكرة جماعية عقلانية وسليمة، فبعد فقدان الجزء الأول من فلسطين لا زلنا لا نعلم تماماً كيف سقطت يافا وكيف سقط الجليل وما هو الدور الذى قام به كل جيش من الجيوش العربية التى "هبّت لنجدة فلسطين".
وبعد سنوات على هزيمة يونيو لا زلنا نعيش فى ظلام بالنسبة لما حدث على الجبهات العربية المختلفة وخلف كواليس المفاوضات.
وبعد مرور سنوات على وفاة الرئيس عبد الناصر لا زلنا لا نعرف كيف تعاملت أجهزة المخابرات المصرية فى عهده مع أصدقائها وأعدائها.
وفى حمى العمل الدؤوب على طمس الحقيقة وحرمان الأمة العربية من تكوين ذاكرة جماعية سليمة، اندفعت غالبية الأنظمة العربية نحو طمس حقائق الواقع من ناحية، والمغالاة فى تمجيد تجارب الماضى البعيد من ناحية ثانية. وبذلك أصبحت الجماهير العربية فى موقع فرض عليها إما القبول بذاكرة رسمية هى حصيلة تجارب مصطنعة وتحليلات مختلفة، أو الارتماء فى أحضان ذاكرة عاطفية لا تمت لواقع حياة الجماهير بصلة.
وفى غياب الذاكرة الجماعية التى تربط الأمة بماضيها القريب ذا الصلة بالواقع والمستقبل، تحطمت البوصلة وضلّت السفينة طريقها وأضحى الركاب تحت رحمة الأقدار.
هذا الكتاب هو محاولة لإعادة ربط الأمة بماضيها القريب ومساعدتها على التعرف على عناصر ذاكرتها الجماعية، والاستهداء على بوصلة المستقبل، وبالتالى السير على هدى ذاكرة جماعية سليمة، هى ذاكرة العقل الواعى لا العاطفة، ذاكرة الحقيقة لا زيف الحقيقة.