كانت بريطانيا قد استقرت بشكل تام فى الربع الأخير من القرن التاسع عشر على احتلال مصر، ورغم أنها لم تكن تحتاج لحجة لفعل ذلك، لكنها سعت للبحث عن ذريعة ما.. فما الذى فعلت؟
هناك قصة شهيرة معروفة باسم واقعة "المكارى والمالطى"، وقعت أحداث هذه القصة إلى 10 من شهر يونيو من عام 1882 عندما استأجر مواطن مالطى مكاريًا "سائق حمار" مصرى يدعى السيد العجان، وطلب منه أن يطوف به العديد من الشوارع، المالطى فوق الحمار والمواطن يمسك بالحمار ويسير بجواره فى لهيب الشمس.
وعندما انتهى المالطى من رحلته طلب منه السيد العجان أجرته، فأعطاه المالطى قرشا واحدا، لكن صاحب الحمار رأى أن هذا القرش قليل لا يفى ولا يتناسب مع أجرته وحق حماره، وحدث جدل بينهما فأخرج الرجل المالطى سكينا من ثيابه وأخذ يطعن به المواطن المصرى حتى قتله.
تجمع الأهالى، فجرى المالطى ودخل أحد البيوت التى يسكنها المالطيون واليونانيون خلف قهوة القزاز، وأخذ السكان الأجانب يطلقون الرصاص على الأهالى، وثارت نفوس المصريين، وانطلقوا يهجمون على أى أجنبى فى الشوارع والدكاكين.
ووصل عدد القتلى إلى 238، منهم 75 من الأوربيين و163 من الأهالى، فيما قال البعض: "إن عددهم كان يتراوح بين 45 و50 قتيلا"، إلا أن تلك الحادثة تسببت فى اتخاذ بريطانيا ذريعة لاحتلال مصر، بحجة حماية رعاياها والأجانب.
وبعدها بدأ الإنجليز فى قصف الإسكندرية، وقد تكون الأسطول البريطانى من 15 سفينة حربية مدرعة تابعة للبحرية الملكية تحت قيادة الأدميرال سير بوشامب سيمور.
كان الأسطول قد أبحر فى وقت سابق إلى ميناء الإسكندرية لدعم الخديوى توفيق أثناء الثورة الشعبية التى قادها أحمد عرابى ضد حكومته وعلاقاتها الوثيقة مع الممولين البريطانيين والفرنسيين. وكذلك انضم إليه أسطول فرنسى صغير فى استعراض القوة. وفرت هذه الخطوة بعض الأمن للخديوي، الذى انسحب بمجلسه إلى الميناء الذى أصبح تحت الحماية الآن، ولكنه عزز فى الوقت ذاته من قوة العرابيين القوميين داخل الجيش وفى جميع الأنحاء مصر حيث التحم الشعب مع الجيش فى مطالبه.