يجمع مؤرخو الآداب الغربية على أن فن المقالة ولد على يد الكاتب الفرنسى "ميشيل دى مونتين"، أحد أكثر الكتاب الفرنسيين تأثيرا فى عصر النهضة الفرنسى، والتى يوصف برائد المقالة الحديثة فى أوروبا، والذى صنف كتابه الوحيد "المقالات" أو الذى أطلق عليه "المحاولات" الذى خرج فى 3 مجلدات واحد ضمن أفضل 100 عمل أدبى على مر العصور.
يشتهر ميشيل دى مونتين بمقالاته التى نشرت فى ثلاث مجلدات، ودرس الكثير من الأدب اليونانى واللاتينى القديم، وشاء أن يفكر مشاهير زمانه فى النسج على منوال بعض أبطال اليونان وروما فى حياتهم، وكان من رجال حاشية الملك شارل التاسع ملك فرنسا ردحاً من الزمن.
وكان يقلد اليونانيين والكلاسيكيين فى عادتهم فى رصف الحكم والأمثال فى ثوب مسجوع، وتأثر كثيراً بكتابات أرسطو، ولكنه تفرد بأسلوبه المرسل، وظهرت شخصيته بوضوح.
ويعتقد الباحثون أن كتاب "مونتين" كانملهما لمن جاء بعده من الكتاب المقاليين خاصة بعد ظهور الصحافة واحتياجها لهذا النوع المقتضب من الكتابة ففتش الكتاب فوجدوا خير دليل لهم مقالات مونتين التى كان قد أصدرها من قبل فى عدة طبعات، فاستوحوا كتاباتهم من كتاباته وحاكوه فيه.
كتب مونتين مقالاته بصياغة معينة لإثارة انتباه القارئ وإشراكه فى المحتوى، حيث يظهر أحيانًا للانتقال في تيار من الفكر من موضوع إلى آخر، وفي أحيان أخرى يستخدم أسلوبا منظما يعطي مزيدا من التأكيد على الطبيعة التعليمية لعمله، وغالبا ما تدعم حججه مع اقتباسات من اليونانية القديمة، اللاتينية، والنصوص الإيطالية مثل دي منشوره ناتورا التي كتبها كريتيوس، وأعمال بلوتارخ.
علاوة على ذلك، كان يُنظر إلى مقالاته على أنها مساهمة مهمة في كل من شكل الكتابة والشك / يأتي الاسم نفسه من الكلمة الفرنسية "essais" بمعنى "المحاولات" أو "الاختبارات" ، مما يوضح كيف أن هذا الشكل الجديد من الكتابة لم يكن يهدف إلى التثقيف أو الإثبات، بدلاً من ذلك، كانت مقالاته عبارة عن رحلات استكشافية يعمل فيها من خلال الخطوات المنطقية لجلب الشك إلى ما تتم مناقشته.