تعد "النجدات" واحدة من الفرق الإسلامية التى خرجت من تحت عباءة الخوارج، وهم أتباع نجدة بن عامر الحنفى، من بدعه: أنه أسقط حد الخمر، وأن من كذب قاصداً فهو مشرك، وعندهم أن من أصر على الذنب - ولو كان من الصغائر- فهو كافر، وأما إن كان غير مصر- وإن كان الذنب كبيرة، فإنه ليس بكافر.
وتنتسب النجدات إلى زعيمهم الأول نجدة بن عامر بن عبد الله بن ساد بن المفرج الحنفى أو الثقفى كما يقول بعضهم، وقد سمى أتباعه بالنجدات العاذرية لعذرهم أهل الخطأ فى الاجتهاد إذا كانوا جاهلين بوجه الصواب فيه، وقد كان نجدة مع نافع يدا واحدة إلى أن نقم عليه أشياء رأى نجدة أنها من البدع المضلة ففارق نافعا واستقل عنه بمن تبعه من أصحابه.
وكان قد اجتمع هو ونافع بن الأزرق الحنفى، وعبد الله بن أباض التميمى، وعبد الله بن الصفار السعدى، وعطية بن الأسود الحنفى، وأبو طالوت أحد رجال بنى بكر بن وائل، وأبو فديك عبد الله بن ثور بن قيس بن ثعلبة، وعبيدة بن هلال اليشكرى، فى رجال من الخوارج، حينما علموا أن جيوش أهل الشام قد حاصرت عبد الله بن الزبير بمكة وقرَّروا أن يذهبوا إلى مكة لحمايتها من جيوش أهل الشام ونصرة عبد الله بن الزبير إن وافقهم على مذهبهم، فلما وصلوا مكة أظهر عبد الله بن الزبير بشاشةً لهم ففرحوا وظنوا أنه على مذهبهم.
ومن اعتقادات النجدات قولهم: إن الدين أمران، أحدهما معرفة الله تعالى، ومعرفة رسله، وتحريم دماء المسلمين، وتحريم غصب أموال المسلمين، والإقرار بما جاء من عند الله تعالى جملة، فهذا واجب معرفته على كل مكلف، وما سواه فالناس معذورون بجهالته حتى يقيم عليه الحجة فى الحلال والحرام، فمن استحل باجتهاده شيئا محرما فهو معذور، ومن خاف العذاب على المجتهد المخطئ، قبل قيام الحجة عليه فهو كافر.
وهذا نموذج لتضارب أقوال العلماء عنهم فمنهم من اشتد عليهم حتى حكم عليهم بالكفر الصريح، ومنه من قال عنهم غير ذلك، ومن الذين وقفوا منهم موقف التشدد ونسبوا إليهم الأفعال القبيحة التى تخرج الشخص من الإسلام، وهناك من قالوا عنهم خيرا ونسبوا إليهم الاعتدال واللين فى مسامحة مخالفيهم من المسلمين، ابن الجوزي، والأشعري، والبغدادي، والشهرستاني، وغيرهم.