حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعى، حول حكم المنتحر، وهل يجوز الترحم عليه أم لا، وذلك بعد ساعات من إعلان انتحار الناشطة سارة حجازى فى كندا، وخرجت دار الإفتاء المصرية فى بيان رسمى لترد على هذا الجدل وتؤكد أن "الانتحار كبيرة من الكبائر وجريمة فى حق النفس والشرع، والمنتحر ليس بكافر".
وتبدو ظاهرة "قتل النفس" أو الانتحار ليست بجديدة على العالم أو المجتمع المصرى ومنذ القدم والجميع يسمع عن الانتحار، والبعض من حين إلى آخر يقدم على هذا الأمر، الذى احتار العلماء والفلاسفة فى تفسيره وتحليل أسباب الانتحار مثل الاكتئاب أو الألم العاطفى أو المشقة الاقتصادية، وغيرها.
وتقف الأديان الإبراهيمية الثلاث "اليهودية، المسيحية، الإسلام" موقف الرافض لفكرة الانتحار وخلاص الإنسان من حياته، وينتظرون لها بأنها خطيئة، لكن كيف نظرت الحضارات القديمة لفكرة الانتحار، وكيف واجهتها؟
الحضارة الفرعونية
فوفقا لتصريحات صحفية سابقة للدكتور أحمد بدران، فإن الانتحار عند المصري القديم هو خروج عن قانون الرب، وخروج على المعبود والإله، وذلك لأنه آمن أن الإله خلق الإنسان ليعمل ويكد ويعمر وينجب الأولاد الذين بدورههم يعمرون الحياة، وليس من حق العبد أن يتدخل في إرادة المعبود، ويفسد صنعته التي هي النفس، وينهي حياته قبل موعدها، فكان الانتحار عند المصري القيدم هو تعدي على قانون المعبود الذي وضعه للحياة، والانتحار أمر كرهته الأرباب والمعبودات جميعًا، فكلهم كرهوا قتل النفس، وخصيصًا الإنسان لنفسه.
الحضارة الإغريقية
كان اليونانيون القدماء يقطعون يد المنتحر بعد موته رمزاً على عقابه وكان الانتحار وسيلة لعقاب الجرائم الكبيرة إذ يطلب من المحكوم عليه بالإعدام تناول السم بيده كما حدث عند إعدام الفيلسوف ( سقراط)، كما أن معظم الفلاسفة القدماء كأفلاطون وأرسطو استنكروا الانتحار واعتبروه سلوكاً لا أخلاقياً، حسبما ذكر الباحث محى الدين يونس فى إحدى مقالاته.
الحضارة الرومانية
فيما حرم الرومان القدامى الانتحار، فقد حرموا المنتحر من إجراء مراسم الدفن له وترك جثته هدفاً لافتراس الحيوانات بالإضافة الى مصادرة أملاك المنتحر من قبل الدولة.
العرب قبل الإسلام
كذلك عرف العرب قبل الإسلام الانتحار، وكان أمرا مرفوضا لدى الناس، وذكر أن "أبا براء بن مالك بن جعفر"، قتل نفسه بشرب الخمر أيضًا انتحر لمخالفة قومه أمره. فدعا قَيْنَتَيْن له، فشرب، وغنتاه، ثم دعا بالشاعر "لبيد"، وطلب منه أن يقول ما يقول فيه من المراثي، فلما أثقله الشراب، اتكأ على سيفه حتى مات.
الحضارة الهندية
بينما الحضارة الهندية، فالهندوسية تتقبل حق الموت، لأولئك الذين يعانون من الأمراض المستعصية، وأولئك الذين ليس لديهم أي رغبة بالحياة، أو أولئك الذين لا يملكون أي مسؤوليات متبقية؛ ويُسمح بالموت من خلال الممارسات غير العنيفة كالصيام حتى الموت من الجوع، أما الديانة الجاينية أو اليانية وهى إحدى ديانات الهند القديمة، لديها ممارسة مماثلة تدعى (Santhara). وجهات النظر الدينيّة الأخرى حول الانتحار، تختلف في درجات عدم التسامح، وتشمل: منع هذه الممارسة، أو إدانة الفعل، كما في الديانة الكاثوليكيّة؛ وقد يعتبر الانتحار خطيئةً كبرى.