الحديث عن بنى إسرائيل لا يتوقف أبدا، دائما هناك قصص منها يقبل، ومنها ما دون ذلك، وكتب التراث الإسلامى، لم تبتعد عن هذه الحكايات، فماذا قالت فى داوود وطالوت؟
يقول كتاب البداية والنهاية:
ذكر "السدى" فيما يرويه: أن داود عليه السلام كان أصغر أولاد أبيه، وكانوا ثلاثة عشر ذكرا، كان سمع طالوت ملك بنى إسرائيل وهو يحرض بنى إسرائيل على قتل جالوت وجنوده، وهو يقول: من قتل جالوت زوجته بابنتي، وأشركته فى ملكى.
وكان داود عليه السلام يرمى بالقذافة، وهو المقلاع، رميا عظيما، فبينا هو سائر مع بنى إسرائيل إذ ناداه حجر: أن خذنى فإن بى تقتل جالوت، فأخذه ثم حجر آخر كذلك، ثم آخر كذلك، فأخذ الثلاثة فى مخلاته.
فلما تواجه الصفان برز جالوت ودعا إلى نفسه، فتقدم إليه داود فقال له: ارجع فإنى أكره قتلك، فقال: لكنى أحب قتلك، وأخذ تلك الأحجار الثلاثة فوضعها فى القذافة، ثم أدارها فصارت الثلاثة حجرا واحدا، ثم رمى بها جالوت ففلق رأسه، وفر جيشه منهزما.
فوفى له طالوت بما وعده فزوجه ابنته، وأجرى حكمه فى ملكه، وعظم داود عليه السلام عند بنى إسرائيل، وأحبوه ومالوا إليه أكثر من طالوت، فذكروا أن طالوت حسده وأراد قتله، واحتال على ذلك فلم يصل إليه، وجعل العلماء ينهون طالوت عن قتل داود فتسلط عليهم فقتلهم، حتى لم يبق منهم إلا القليل.
ثم حصل له توبة وندم وإقلاع عما سلف منه، وجعل يكثر من البكاء، ويخرج إلى الجبانة فيبكى حتى يبل الثرى بدموعه، فنودى ذات يوم من الجبانة: أن يا طالوت قتلتنا ونحن أحياء، وآذيتنا ونحن أموات، فازداد لذلك بكاؤه وخوفه واشتد وجله، ثم جعل يسأل عن عالم يسأله عن أمره، وهل له من توبة، فقيل له: وهل أبقيت عالما؟
حتى دل على امرأة من العابدات، فأخذته فذهبت به إلى قبر يوشع عليه السلام.
قالوا: فدعت الله فقام يوشع من قبره فقال: أقامت القيامة؟ فقالت: لا ولكن هذا طالوت يسألك هل له من توبة؟
فقال: نعم، ينخلع من الملك ويذهب فيقاتل فى سبيل الله حتى يقتل، ثم عاد ميتا.
فترك الملك لداود عليه السلام، وذهب ومعه ثلاثة عشر من أولاده فقاتلوا فى سبيل الله حتى قتلوا، قالوا فذلك قوله: "وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ" هكذا ذكره ابن جرير فى تاريخه من طريق السدى بإسناده. وفى بعض هذا نظر ونكارة، والله أعلم.
وقال محمد بن إسحاق: النبى الذى بعث فأخبر طالوت بتوبته هو اليسع بن أخطوب، حكاه ابن جرير أيضا.
وذكر الثعلبي: أنها أتت به إلى قبر أشمويل، فعاتبه على ما صنع بعده من الأمور وهذا أنسب، ولعله إنما رآه فى النوم لا أنه قام من القبر حيا، فإن هذا إنما يكون معجزة لنبى، وتلك المرأة لم تكن نبية، والله أعلم.
وزعم أهل التوراة أن مدة ملك طالوت إلى أن قتل مع أولاده أربعون سنة، فالله أعلم.