يعتقد الكثيرون، أن جائحة الإنفلونزا التى حدثت عام 1918، نشأت فى إسبانيا، عندما بدأت أهوال الحرب العالمية الأولى، وبدأت الطبيعة الأم تطلق العنان لأكثر سلالات الإنفلونزا دموية فى التاريخ الحديث، وأصاب الفيروس ما يصل إلى 40 %من سكان العالم على مدى الأشهر الـ 18 المقبلة، ومن بين هؤلاء، قُتل ما بين 20 إلى 50 مليون شخص، وامتد تفشى الوباء من الولايات المتحدة وأوروبا إلى المناطق النائية من جرينلاند وجزر المحيط الهادئ، وشمل ضحاياها أمثال الرئيس وودرو ويلسون.
عندما وصل الوباء إلى أبعاد ملحمية فى خريف عام 1918، أصبح معروفًا باسم "الانفلونزا الإسبانية" أو "السيدة الإسبانية" فى الولايات المتحدة وأوروبا، وافترض الكثير أن هذا يرجع إلى أن المرض قد نشأ فى شبه الجزيرة الأيبيرية، لكن اللقب كان فى الواقع نتيجة لسوء فهم واسع النطاق.
كانت إسبانيا واحدة من عدد قليل فقط من الدول الأوروبية الرئيسية التى بقيت محايدة خلال الحرب العالمية الأولى، على عكس دول الحلفاء والدول المركزية، حيث قام مراقبو الحرب بقمع أخبار الأنفلونزا لتجنب التأثير على الروح المعنوية، وكان لوسائل الإعلام الإسبانية حرية الإبلاغ عنها فى تفاصيل دموية،جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع هيستورى.
وتصدرت أخبار المرض عناوين الصحف لأول مرة فى مدريد فى أواخر مايو 1918، وزادت التغطية فقط بعد أن سقط الملك الإسبانى ألفونسو الثالث عشر فى حالة سيئة بعد ذلك بأسبوع، ونظرًا لأن الدول التى تخضع للتعتيم الإعلامى يمكن أن تقرأ فقط حسابات متعمقة من مصادر الأخبار الإسبانية ، فقد افترضوا بطبيعة الحال أن البلد هى نقطة الصفر للوباء، فى غضون ذلك اعتقد الإسبان أن الفيروس انتشر إليهم من فرنسا، لذلك اعتادوا تسميتها "الأنفلونزا الفرنسية".
في حين أنه من غير المحتمل أن يكون مصدر "الأنفلونزا الإسبانية" فى إسبانيا، ولا يزال العلماء غير متأكدين من مصدرها، وقد تم اقتراح كل من فرنسا والصين وبريطانيا باعتبارها مكان ميلاد الفيروس المحتمل، وكذلك الولايات المتحدة ، حيث تم الإبلاغ عن أول حالة معروفة في قاعدة عسكرية في كانساس في 11 مارس 1918.
كما أجرى الباحثون دراسات مكثفة على بقايا ضحايا الوباء، لكنهم لم يكتشفوا بعد لماذا كانت السلالة التي دمرت العالم في عام 1918 مميتة للغاية.