تعد رواية "رجل بلا صفات" للأديب النمساوى روبرت موزيل، واحد من الأعمال الأدبية صاحبة الأثر الكبير فى الحداثة الأوربية على صعيد تجديد الشكل الروائى، وصنفت ضمن واحدة من أفضل 100 عمل أدبى على مر العصور وفقا لمكتبة بوكلوين العالمية، رغم كونها تصنف على أنها رواية غير مكتملة كتبت فى الفترة 1921-1942.
تطرح رواية "رجل بلا صفات" قضية الزمن ولا تطرحها تماماً، لأنها تضيء جوانبها بلا توقف، فالوجود الذى لا صفات فيه وجود تحرر من التناقض، لا يحتاج الى الحركة ولا تعرف الحركة طريقها اليه، حدّه الأول جوهر مريض وحده الآخر هرب من مرض لا شفاء منه، والانسان الذى لا صفات له يقوم خارج ذاته، لأنه لو أقام داخلها لامتلك صفاته وغدا مفرداً فاعلاً، يرفض ويقبل ويختار، من دون ان يتلاشى فى سديم عاطل عن الحركة.
وضع موزيل فى روايته تصوراً أخلاقياً، يحتج على عالم دنيء يرحّب بالقتلة، يصير الانسان ذئباً ويدفع من رفض "الحيوانية" الى الجنون، تغدو الحياة اليومية، فى هذا التصور، مجالاً للمرض، بقدر ما يصبح ما هو نقيضها مجالاً للفن، الأمر الذى يحوّل "المرضي" الى مقولة جمالية، طالما ان الرواية تتعامل مع "واقع الفكر" لا مع "الواقع الخام"، الذى لا يقبل الفكر بالتعامل معه. ينطوى جوهر الحياة اليومية، وهى مبتذلة ورخيصة لزوماً، على المرضى والأمراض، ويقول العمل الفنى بـ"إنسان معزول" لا ينتظر شيئاً، جوهره العمل الفنى الذى جاء منه. جوهران متعارضان، لا جسور بينهما ولا حوار، ذلك ان العالم الذى "لا صفات فيه" هو عالم الموتى وعالم الذين فقدوا عقولهم وأرواحهم.