تعتبر رواية "باتوالا" للأديب الفرنسى من أصول جابونية، رينيه ماران، من أوائل الروايات الأفريقية التى تحدثت عن قسوة العيش في ظل المستعمر، كما أنها واحدة من الأعمال الأدبية التي صنعت بصمة مفارقة في سياق الكتابات الكولونيالية، وكان صاحبها أول كاتب أسود يحوز على جائزة الجونكور الأدبية الفرنسية.
وقد أثارت رواية (باتوالا) ضجة كبيرة في الأوساط الثقافية بالحي اللاتيني (حي الثقافة بباريس) ونالت 1931م جائزة جونكور، وبطل الرواية وأبوه عاشا تجربة التهجير من افريقيا وفي جزر الكاريبي تنقطع جذورهما، ويموتان بائسين مستعبدين، لكن بعد ان يفضحا السلطات الاستعمارية، وكانت هذه أول رواية زنجية لا تمجد الرجل الابيض، كما أثارت تلك الرواية فضيحة إثر صدورها عام 1921 بدايةً لأنها كشفت عن ممارسات عنصريّة مهينة دفعت فرنسا للوقوف أمام نفسها ومحاكمة مهمتها "الحضاريّة" التي كانت تدعيها.
تروي رواية باتوالا حكاية زعيم قبيلة عظيم الشأن في جمهورية إفريقيا الوسطى، يساوره القلق حول أمر تجنيد الرجال من البشرة السوداء في الجيش الفرنسي، لزجهم في صراع عبثي بين الأوروبيين أنفسهم، ولاحقًا يجد باتوالا نفسه أمام معادلات شخصيّة وعامة لا يملك عليها أيّ سلطة.
لهمت أعمال رينيه ماران العديد من الكتاب مثل أندريه جيد في كتابه رحلة إلى الكونغو 1927، واعتبر لاحقًا مرجعية من قبل العديد من الكتاب والمؤلفين والمناهضين لسياسات الاستعمار، من أمثال إيميه سيزير، ليوبولد سيدار سنغور، كما أن ماران كان الملهم الأول لعملهم على صياغة وتحديد مصطلح الزنوجة la négritude الذي بدأ يأخذ شكلًا سياسيًا واجتماعيًّا وثقافيًّا في أعمال لاحقة.