يعتقد المسلمون أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم، صعد إلى السماء، وتقابل مع الأنبياء، وتحدث إليهم، خلال رحلة الإسراء والمعراج، والتى أشير إليها فى سورة الإسراء، حيث قال تعالى: " سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير".
وحسبما تذكر أغلب المصادر الإسلامية فإن النبى صعد من سماء إلى سماء فى المعراج حتى جاوز السابعة وكلما جاء سماء تلقته منها مقربوها ومن فيها من أكابر الملائكة والأنبياء، وذكر أعيان من رآه من المرسلين: كآدم فى سماء الدنيا، ويحيى وعيسى فى الثانية وإدريس فى الرابعة، وموسى فى السادسة - على الصحيح - وإبراهيم فى السابعة مسندا ظهره إلى البيت المعمور الذى يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة يتعبدون فيه صلاة وطوافا ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة.
ومؤخرا نشر موقع "هيستورى" تقريرا عن لغة يسوع المسيح بن مريم، مستشهدا بحديث رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو حول أن المسيح الذى عاش فى فلسطين القديمة تحدث العبرية التى يتحدث بها اليهود الآن، وهو ما أثار الجدل حول لغة يسوع.
ومن المعروف أن النبى محمد، النبى العربى الأمى الأمين، كان يتحدث العربية، ولم يذكر فى أى من السير أو المراجع التراثية أن النبى عرف لغات أخرى غير العربية، بينما العديد من الدراسات أشارات إلى أن معظم أنبياء بنى إسرائيل تحدثوا باللغة الأرامية وكانت لغتهم الأم، وقيل إنها اللغة التى اشتقت منها اللغة العبرية، بعد ذلك حيث كانت اللغة الأرامية هى اللغة السائدة فى هذه الحقبة الزمنية، فما هى اللغة التى دارت بها حديث الرسول مع أخوته من أنبياء الله فى السماوات العلا؟
لا يتوقف التراث الإسلامى كثيرا أمام مسألة اللغة فى الإسراء والمعراج لأن "الأمر كله فى إطار المعجزة" فليس جمعهم للصلاة ولا إسكانهم فى السماء بأشد من جمعهم على لغة واحدة، ومع ذلك فإن الظاهر أنها كانت العربية، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لو تحدث بغيرها لأوشك أن يخبر بذلك، على ما للعربية من فضل فى ذاتها.
وقد ذكر الإمام الشافعى الآيات التى تصف القرآن بأنه عربى مبين، وآية: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم: 4] وذكر الاحتمالين المُشَار إليهما: هل النبى صلى الله عليه وسلم أُوتِى ألسنة جميع من أُرْسِلَ إليهم أم كُلِّفُوا هم أن يعرفوا لسانه كما كُلِّفُوا أن يعرفوا دينه؟ وجزم بالثانى وأقام عليه البراهين ووافقه جميع علماء المسلمين؛ فلم ينقل عن أحد من المجتهدين ولا المقلدين أنه عارضه فيه أو أنكره عليه.
ولو ذهب البعض للقول باحتمالية أن يعرف النبى صلى الله عليه وسلم المئات من لغات الأمم، فذلك من باب التعظيم الذى يكاد بعضهم أن يقبل فيه كل شيء، وإن كان مخالفًا لبعض القطعيات أو مفضيًا لبعض المطاعن من جهة أخرى لم يفطنوا لها، فإن كون النبى صلى الله عليه وسلم أميًّا ركن من أركان إثبات نبوته ومقدمة من مقدمات البرهان على إعجاز كتابه.