تعد رواية "رحلة العام ما" للأديب الجابونى جان ديفاسا نياما، الصادرة فى ترجمتها العربية عن سلسلة الجوائز بهيئة الكتاب عام 2010، واحدة من أهم الروايات الأفريقية التى استطاعت أن تجسد عمق المجتمع الإفريقى وتعبر عنه موروثاته الثقافية المتنوعة.
و فى روايته "رحلة العم ما" وهى الجزء الأول من ثلاثية الكالباس للكاتب الجابونى الحاصل على جائزة الأدب الكبرى لأفريقيا السوداء فى العام الماضى (2009) من باريس، يغوص المؤلف فى أعماق المجتمع الأفريقى الذى قل ما نعرف عنه شيئاً.
يمثل "العم ما" الشخصية المحورية فى الثلاثية، هو سيد العالم الذى يوقره الجميع، وينتظرون كلمته الفاصلة، ذاكرة حية تمشى فى جسد رجل عجوز، أسهم- كمقاتل- فى تحرير فرنسا من النازيين "كانت الجابون آنذاك مستعمرة فرنسية"، انتظاراً لوعد ديجول بمنح المستعمرات استقلالها، ولا تناقض بين كونه مرجع السلالة ومرجعية الأسلاف، فمرجعيته مستمدة، لا من السن، بل من محافظته على نواميس الأسلاف والأعراف والتقاليد، رغم أنف التحولات المدنية الجديدة التى تغزو الحياة التقليدية، فهو الذى يمكنه التوفيق بين الاثنين، يمكنه اكتشاف المفازة غير المرئية التى ينفذ منها بلا صدام.
وبحسب مقالة نقدية بعنوان " جان ديفاسا نياما.. النابش فى ذاكرة إفريقيا" يعتبر سؤال الرواية هو الذاكرة المهددة بالضياع النهائى، والتراث المهدد بالآندثار، والأسلاف الذين يهددون بإثارة الصخب للسلالة، عقاباً على النكران، وتركهم فى العراء بين الهجرة من القرية الأصلية، وهو ما لا يستطيع "العم ما"ش- على ما يمتلك من خبرة الأجيال وحنكة الأزمات.
وبحسب الناقد شوقى بدر يوسف، فأن رواية "رحلة العم ما" تعتبر تجسد أعماق المجتمع الأفريقى بأساطيره وموروث خرافاته، والصراع الدائر بين القديم والحديث، وبين الأسود والأبيض، وبين المدنية الحديثة والأنثربولوجى الأفريقى المتوارث عن الأجداد.