الملك أحمس الثانى أو الملك أمازيس هو ثانى أهم ملك فى الأسرة السادسة والعشرين الصاوية أو العصر الصاوى بعد الملك المؤسس بسماتيك الأول، وحكم فترة طويلة من العصر الصاوى تقدر بحوالى أربعة وأربعين عامًا من عمر الأسرة المقدرة بحوالى مائة وثمانية وثلاثين عامًا، أى مدة تزيد عن ثلث عمر الأسرة، وكان عهده عهد ازدهار وسيادة ورخاء وإبداع وتعمير وبناء وتعاون وتواصل مع القوى الخارجية.
ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، إن العاصمة الملكية سايس فى وسط الدلتا المصرية ازدهرت فى عهد الملك أحمس الثانى أمازيس، وحفلت المدينة بالمقابر الملكية الصاوية، غير أن هذه المدينة لم يتم حفرها بشكل كامل وشامل، ولم نعثر بها إلا على عدد قليل من تماثيل الأوشابتى أو التماثيل المجيبة التى كان المصرى القديم يستخدمها للقيام بالعمل نيابة عنه فى العالم الآخر، وتحمل عشرة من تلك التماثيل اسم بسماتيك، غير أنه من الصعب تحديد نسبتها لأى ملك من الملوك الثلاثة الذين حملوا اسم بسماتيك. وهناك ستة من تماثيل الأوشابتى تحمل اسم الملك أحمس الثانى أمازيس.
وأوضح كتاب "الفراعنة المحاربون"، ويعد المؤرخ الإغريقى الشهير هيرودوت، من أقرب المصادر زمنيًا التى تحدثت عن عصر الأسرة السادسة والعشرين الصاوية، إذ أنه كان قد زار مصر فى منتصف القرن الخامس قبل الميلاد أى بعد حوالى قرن من بعد نهاية الأسرة السادسة والعشرين الصاوية، وذكر هيرودوت الكثير من الأمور عن فترة حكم ذلك الملك، وقام الملك أحمس الثانى أمازيس بنقل الجنود المرتزقة من الأجانب إلى منطقة نقراطيس فى محافظة البحيرة فى غرب الدلتا، وأعطى لهم امتيازات كثيرة مثل الحقوق التجارية، وذلك حتى يتفادى وقوع أية مشكلات وصدامات مع الجنود المصريين وأهل مصر عمومًا، وفى عهده، أصبحت نقراطيس منطقة تجارة حرة مثل ديلوس فى بلاد اليونان، وفى نهاية القرن التاسع عشر الميلادى، أظهرت حفائر عالم الآثار البريطانى الأشهر السير وليام فلندرز بترى فى المدينة أنها كانت ذات طبيعة كوزموبوليتانية وأن معابدها كانت مخصصة لآلهة الجاليات التى كانت موجودة بها.
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير، أن ما يحسب لعهد الملك أحمس الثانى أمازيس أن التجارة فى البحر المتوسط كانت تشكل بعدًا مهمًا من أبعاد السياسة الخارجية المصرية فى تلك الفترة، وكان تدعيمها ضرورة من ضرورات فترة حكمه المزدهر والمديد، وكانت كذلك مهمة أساسية من مهام الأسطول المصرى فى البحر المتوسط. وبناءً عليه، فقد تم التعامل والتعاون من عدد كبير من الأمم فى البحر المتوسط، خصوصًا الإغريق الذين شكلوا نسبة كبيرة من الجنود المرتزقة بالجيش المصري. وكان من شدة تدخل الملك أحمس الثانى أمازيس فى العالم الإغريق أن قام بإعادة بناء معبد الوحى الشهير والعظيم والخاص بالرب أبوللو فى دلفى بعد أن جاء عليه حريق هائل ودمره تمامًا فى عام 548 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام.
وتابع كتاب "الفراعنة المحاربون"، أنه بعد التهديد الآشورى لمصر من قبل فى نهاية الأسرة الخامسة والعشرين النوبية أو الكوشية، جاء بعده التوسع البابلى والنشاط العسكرى بشدة فى الشرق الأدنى القديم، مما سبب قلقًا وتهديدًا لمصر الصاوية طوال عصر الأسرة، غير أن المشهد شهد لاعبًا جديدًا وقويًا وعنيفًا أبتلع كل القوى القديمة، وأسس إمبراطورية جديدة، وأعنى الإمبراطورية الفارسية والتى حاربت الإغريق بكل قسوة.
وأشار كتاب "الفراعنة المحاربون"، أنه كانت مصر الصاوية بعد رحيل القائد العسكرى القوى أحمس الثانى أمازيس لا تمثل قوة قد تقلق الفرس، فتحرك الملك الفارس الشهير قمبيز نحو مصر، واحتل مصر فى عام 526 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وانتصر على الملك بسماتيك الثالث، ابن الملك أحمس الثانى أمازيس، فى منطقة الفرما على حدود البوابة الشرقية لمصر، وكان بسماتيك الثالث الضعيف وغير الخبير قد خلف أباه الملك أحمس الثانى أمازيس القوى لعدة أشهر على عرش مصر، فهرب بسماتيك الثالث إلى العاصمة الأزلية منف حيث نجح بسهولة الملك الفارسى قمبيز فى أسره وبعث به إلى عاصمة الإمبراطورية الفارسية الشهيرة فى مدينة سوسة، وهكذا جاءت نهاية الأسرة السادسة والعشرين الصاوية على أيدى الفرس.