يعد الفيلسوف والناقد الفرنسى رولان بارت واحدا "ممن أحيوا العقل الأدبى بلا منازع"، وظل منشغلا طيلة حياته "بالطريقة التى يجعل بها الناس عالمهم مفهوما ومعقولا"، هكذا يصفه جوناثان كولر فى مقدمة كتابه "رولان بارت: مقدمة قصيرة جدا" من ترجمة محمد فتحى خضر.
يلقى المؤلف جوناثان كولر الضوء على الإسهامات النظرية المتعددة التى قدمها هذا "المجرب العام"، ويصف المشروعات العديدة التى تبناها بارت والتى ساعدت على تغيير الطريقة التى ننظر بها إلى نطاق من الظواهر الثقافية، من الأدب والموضة والدعاية إلى الأفكار المتعلقة بالذات والتاريخ والطبيعة.
يحظى بارت بالشهرة لجوانب متعددة، ففى نظر البعض هو ذلك البنيوى الذى رسم حدود "علم الأدب"، والمناصر الأبرز للسيميوطيقا، وفى نظر البعض الآخر لا يرمز بارت للعلم وإنما للمتعة؛ إذ اعتنق رؤية للأدب تمنح القارئ دورا إبداعيا.
وبحسب مقدمة المؤلف: فإن الكتاب يتضمن تحليلا لإنجازات "بارت" ويقدم قراءات مختلفة لكتابات بارت إلى أولئك الذين قد يجدونه مفيدا وجذابا ومحفزا للذهن، تغطى أعمال بارت — أنماطه وأمزجته — نطاقًا شديد الاتساع حيث إن كل شخص سيجد فيها شيئًا يثير اهتمامه، بيد أن السؤال الرئيس هو: إلى أين يقودنا بارت؟ وما الذى سينتج عن جاذبيته؟ أجريت بعض التعديلات البسيطة فقط على النص الأساسى من أجل هذه الطبعة الجديدة، لسببين اثنين؛ الأول: أننى لا أزال مؤمنًا بمعظم ما أقوله هنا حول بارت، والثاني: أن الإفراط فى إدخال تعديلات على النص الأصلى من شأنه المخاطرة بإنتاج نص مشوش تختلط فيه أصوات فترتى الشباب والنضج ويتصارع بعضها مع بعض.