تعتبر رواية "الخرز الملون" للكاتب الكبير محمد سلماوى من أهم الروايات العربية التى صدرت فى الربع الأخير من القرن العشرين، ولا تعود أهمية الرواية لجرأة مضمونها السياسى والعاطفى فقط وإنما أيضا لأسلوبها الفنى المبتكر الذى مزج فيه محمد سلماوى ببراعة بين رواية السيرة والرواية التسجيلية، وبين مأساة بطلته نسرين حورى ومحنة الوطن، فهى تأريخ للحياة العاطفية للبطلة مثلما هى تسجيل لأهم الأحداث السياسية التى شهدها الوطن العربى فى فترة نصف القرن من حرب فلسطين عام1948 إلىّ اتفاقية كامب ديفيد عام 1979.
وقد أحكم محمد سلماوى أحداث روايته فى خمسة فصول كل منها يمثل يوما واحدًا فى حياة بطلته التى لم يخف على القراء أنها وبقية شخصيات الرواية مستقاة مباشرة من تاريخنا القريب، هى شخصيات معروفة لنا جميعا رغم تغيير المؤلف لأسمائها، ومع فقد ظهرت فيها شخصيات بأسمائها، مثل ياسر عرفات وأحمد بهاء الدين وصلاح جاهين.
وقد أثارت رواية "الخرز الملون" اهتمامًا نقديًا كبيرًا وقت صدورها فكتب الروائى الكبير خيرى شلبى "برواية "الخرز الملون" يضع محمد سلماوى نفسه عن جدارة وبكل ثقة واطمئنان بين كبار كتاب الرواية العربية الحديثة، اختار سلماوى شكل الأيام بمفهومها التراثى القديم، فنحن إذن أمام أيام العرب فى شكلها المعاصر والتى أراد سلماوى أن يسجلها بالطريقة التى لا يستطيعها علم التاريخ...الطريقة الروائية".
أما الناقد الراحل علاء الديب فكتب "عمل محمد سلماوى هذا يضعه على طريق مختلف عن طريق أدباء جيله، يكتب بحرفية عالية اكتسبها من ثقافته، يعرف جيدا معنى الشكل الفنى ودوره، ."الخرز الملون" هى اقتراب فنى جريء من قضية العرب التى تهيمن على وجودنا، وهى تضعنا تحت ضوء متجدد يعرينا حتى النخاع".
ووصفت الدكتورة نهاد صليحة الرواية بأنها "واحدة من الأعمال المثيرة المراوغة، تجمع فى حذق ماهر بين تقنيات منوعة من فنون عدة، وتمزجها فى نسيج مرهف دقيق، وبناء فنى محكم ومركب".
صدرت الطبعة الأولى من "الخرز الملون" عام ١٩٩١ حيث نشرت مسلسلة فى جريدة "الأهرام"، ثم توالت طبعاتها بعد ذلك من دار ألِف إلى الشروق، وقدمها صوت العرب فى مسلسل إذاعى من ٣٠ حلقة بطولة محسنة توفيق وسعد أردش وأمينة رزق، وفى عام ٢٠٠٩ صدرت ترجمتها الفرنسية فى باريس عن دار نشر أرشيبل بعنوان "خرزات الغضب".