واحدة من الأعمال التى صنفت ضمن أفضل 100 عمل أدبى على مر العصور هى رواية "بيدرو بارامو" للأديب المكسيكى خوان رولفو، الصادرة عام 1955، وقدمها للعربية المترجم الكبير الراحل صالح علمانى، وتدور حول رجل يدعى خوان بريسيادو الذي يسافر إلى مسقط رأس والدته المتوفاة ، كومالا، للعثور على والده، ليصادف فقط بلدة أشباح حرفية - مأهولة بالسكان، بمعنى شخصيات طيفية.
ويكشف لنا خوان رولفو في كتابه "سيرة ذاتية مسلحة" أن أحد الدوافع التي دفعته إلى تأليف روايته "بيدرو بارامو" هي زيارته لقريته ومرتع طفولته بعد أن هجرها ثلاثين عاماً، فعاد إليها ليجدها طللاً، تلف الوحدة شوارعها وديارها، ولا يعمّرها سوى حفيف شبحي، حفيف أشجار الكازورينا تعصف بها الريح.
تسجل ذاكرة (رولفو) لحظة الصدمة، حين أخبر بمقتل أبيه، فانتزعت منه أفراح الطفولة، وسلب الإحساس بالأمان! وقد أسقط هذه التجربة على شخصيات روايته! وخاصة على الراوي البطل (خوان بريثيادو) الذي يتماهى مع الكاتب في كثير من المشاهد (البحث عن الأب، موت هذا الأب، معايشة أرواح الموتى، وبؤس المكان (كومالا) وكذلك يشاركه في النصف الأول من اسمه (خوان).
وبحسب الروائى الإماراتى شاكر نورى فى مقال نشر بعنوان "روايات خالدة: بيدرو بارامو" تعدّ رواية "بيدرو بارامو" مثلاً أعلى للغرائبية التي تنأى عن الفانتازيا لاقترابها من عالم الإنسان، وإن غامرت بدخول عوالم مجهولة، فهي تظل ملتحمة بهمومه وقضاياه، فقد يعايش فيها القارئ إشكالية الموت الذي هو أحد إشكاليات الوجود الإنساني، بعد أن جعله الروائي جزءاً من الحياة فهدم الحاجز بينهما، وأتاح الفرصة لاختلاط الموتى بالأحياء، فاستطاع أن يمنح شخصياته فرصة الحياة تحت الأرض وفوقها!
خوان رولفو الذي ولد سنة 1917 في "سايولا" إحدى أفقر مناطق المكسيك، وتوفى في مدينة مكسيكو عام 1986 لم يكتب إلا كتابين: "السهل يحترق" (مجموعة قصصية 1953) و"بيدرو بارامو" (رواية 1955) وبعض الحكايات والسيناريوهات.