تمر اليوم الذكرى الـ784، على سقوط قرطبة حاضرة الخلافة الأموية في الأندلس، وكبرى قواعدها في يد فرناندو الثالث ملك مملكة قشتالة، بعد أن تخلى عنها "محمد بن يوسف بن هود" على الرغم من أنه كان في إمكانه نجدتها لكنه لم يفعل، وكان ذلك فى 29 يونيو عام 1236م.
بداية سقوط قرطبة، كان إيذانا بسقوط الإمبرطورية الإسلامية فى الأندلس، بعدها بنحو قرنين من الزمان، ولم تكن الأندلس هى الدولة الإسلامية الوحيدة، لكنها جاءت فى الوقت كان هناك أكثر من إمبرطورية تحكم المسلمين، مثل الدولة العثمانية، ودولة المماليك فى مصر والشام، والدولة الصفوية، لكن بينما كانت الأندلس تستغيث كان الدول الثلاثة السابقة يتناحرون بين بعضهم البعض، لكن بما أن الدولة العثمانية كانت الأقوى فى هذا الوقت، وكانت هى من تقوم بالهجوم على المماليك، ونجت فعلا فى إسقاط دولتهم فى الشام ومصر، فما هو كان موقفهم.
يدعى البعض أن الدولة العثمانية كانت دولة جهاد إسلامى، تحاول رفع راية الله وحماية المسلمين، وإنها دولة فتوحات، لكن دولة آل عثمان، كانت دولة غازية لما تكن ضمن خططها حماية المسلمين ولا حماية إمبرطوريات المسلمين التى تسقط.
ووفقا للباحث وليد فكرى، فأنه من أشهر أكاذيب العثمانيين الجدد أن "الدولة العثمانية جاهدت دفاعًا عن الأندلس"، وهي كذبة من فرط جرأتها من ناحية ومداعبتها "نوستالجيا الجهاد" عند الإسلاميين من ناحية أخرى، قلما تجد من يجرؤ على مواجهتها والرد عليها!، موضحا أن العثمانين انشغلوا فى حربهم المماليك، وعقد صفقات مع الفرنسيين ضد الإسبان للسيطرة على الجزائر، وإرسال بعض فرق الاستطلاع فقط لبلنسية، دون خوض معارك حقيقية هدافها مساعدة المسلمين فى الأندلس.
بحسب العديد من المصادر، فإنها قبل سقوط غرناطة أرسل حكمها سفارات الاستغاثة، إلى المماليك فى مصر، والدولة العثمانية، فى ، وفي نفس العام (1487), ولم تنجح سفارة استغاثة غرناطة الأولى التى أرسلت إلى السلطان محمد الشهير بـ"الفاتح" لكن هذه المرة ركز على أطماعه الخاصة فى احتلال القسطنطينية وكتابة مجد شخصى على أن ينصر إخوانه المسلمين فى الأندلس، ولم تنج أيضا رسائل الإغاثة الثانية التى أرسلت إلى بلاط السلطان العثماني بايزيد الثانى، والذى رفض توقيف حملته ضد المماليك وتحويل جهدها إلى مؤازرة المسلمين فى الأندلس، بل مضى في غيه، وأصر على غزو الشام بزهرة جنوده، وأغلب أسطوله، وياليته فاز وانتصر بعد كل هذا، بل انكسر في الأخير بين ساحات أضنة (1488) لينهي المماليك أطماع العثمانيين في مصر والشام إلى حين جاء السلطان الغازى سليم الأول.
وبحسب أحد المصادر التركية المعارضة، فإن أهل غرناطة، فلم ينالوا من بايزيد سوى مجموعة سفن تحت قيادة كمال ريس باشا، لم تكن تكفي لتلك النصرة التي تخيلها أبو عبد الله ملك غرناطة عندما فكر في الاستنجاد بآل عثمان. فقد كانت خطة الملك الغرناطي الأخير الطموحة، ترمي إلى نزول الأسطول العثماني بشواطئ بلنسية شرق الأندلس، حيث ينضم إليه الآلاف من المدجنين (لقب أطلق على مسلمي الأندلس الذين خضعوا للحكم المسيحي في إسبانيا)، وتبدأ من هناك عمليات القتال العثمانية الأندلسية المشتركة ضد القشتاليين. غير أن كل تلك الأحلام لم تلبث أن بعثرتها رياح الخيبة، عندما سمع أبو عبد الله بدخول السفن المحدودة لكمال ريس إلى غرب المتوسط.