رغم إعلان الحكومة المصرية إلغاء حظر التجول وحركة المواطنين، بعد 3 أشهر من تطبيقها بسبب تفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، إلا أن الحكومة قررت أيضا استمرار غلق جميع الحدائق والمتنزهات والشواطئ العامة دون غيرها، وتغلق جميع الفعاليات التى تتطلب تواجد أى تجمعات كبيرة للمواطنين: مثل: الحفلات الفنية، والاحتفالات الشعبية، والموالد، والمعارض، والمهرجانات، والأفراح، كل تلك الفعاليات تشهد العديد من التجمعات، وبالتالى هى أكثر عرضة لتفشى الأوبئة، خاصة فى ظل تفشى فيروس كورونا المستجد، فهل كان للمعارض الكبرى يد فى زيادة تفشى الأوبئة قديما؟
بحسب كتاب "عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور" لسوزان سكوت وكريستوفر دنكان، كانت المعارض الضخمة المقامة سنويًّا وسيلة رئيسية أخرى لنشر الطاعون فى إنجلترا، كما كانت فى الغالب أحد مصادر جَلْبه إلى البلاد فى المقام الأول.
وأدركت السلطات هذا، وكانت المعارض تلغى دائمًا مع أول علامة على ظهور الطاعون، وكانت أهم المعارض تقام جنوب وشرق خط ممتد من مدينة إكزتر إلى مدينة يورك، وكانت تقام على الأنهار القابلة للملاحة أو الطرق المؤدية إلى الموانئ البحرية، أو بالقرب منها.
ووصف البروفيسور جيه إف دى شروزبرى الصورة بقوله: كان المعرض الضخم المقام فى ستربريدج "فى إيست أنجليا"، الذى افتتح فى الثامن عشر من سبتمبر، واستمر لثلاثة أسابيع أهم المعارض الإنجليزية، وكان ذائع الصيت بما يكفى لجذب التجار من الكثير من المراكز التجارية الأوروبية.
وتابع: يمكنك وأنت فى معرض ستربريدج الهائل أن تجد الزجاج الذى تشتهر به مدينة البندقية، وكتان مدينة بروج، والحديد الإسباني، والقار النرويجى، وفرو الرابطة الهانزية، والقصدير الكورنوالي، والخمر الكريتي، كل هذا للبيع فى البقعة البالغ مساحتها نصف ميل مربع المستخدمة على مدار ثلاثة أسابيع كاملة، وإبان معرض ستربريدج، كانت موانئ بليكني، وكولتشيستر، وكينجز لين، وربما نورتش تعج بالسفن الغريبة، كانت المراكب تجلب سلع بلاد الشام من البندقية وسلعًا أخرى من بلاد ما وراء البحار.
يشار إلى أنه لأكثر من 200 عام قاوم الأفراد فى كل أنحاء أوروبا وفيات الطاعون الهائلة، وقد صمدوا صمودًا مثمرًا، إذ استمرت أعداد السكان فى النمو، وإن كان نموًّا بطيئًا للغاية، إلا أن العدو كان يحكم قبضته شيئًا فشيئًا، فكما رأينا، نتيجة للتجارة المتزايدة باستمرار، استشرى الطاعون على نطاق أوسع، واجتاح أماكن أكثر وارتفعت أعداد الوفيات على نحو هائل، منذ نهاية القرن السادس عشر وعلى مدار نحو ٨٠ عامًا، كان عدد سكان أوروبا (وبالأخص فى إنجلترا حيث تتوافر إحصائيات أكثر تفصيلًا) ثابتًا، بل انخفض انخفاضًا طفيفًا. كان الطاعون يحرز انتصارًا تلو الآخر، ولو قُدر لهذا الاستمرار لاندثرت حضارتنا.