نواصل، مع السيد المسيح عيسى بن مريم، قراءة ما قاله عنه التراث الإسلامى، كيف التقى بالشيطان الرجيم وجادله، وكيف أراد إبليس غواية ابن مريم، وما ذكر عن المقاومة والإفحام.
يقول كتاب البداية والنهاية:
قال أبو داود فى كتاب القدر: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهرى، عن ابن طاووس، عن أبيه قال: لقى عيسى بن مريم إبليس فقال: أما علمت أنه لن يصيبك إلا ما كتب لك؟ قال إبليس: فارقَ بذروة هذا الجبل فتردى منه فانظر هل تعيش أم لا، فقال ابن طاووس - عن أبيه فقال عيسى: أما علمت أن الله قال: لا يجربنى عبدى فإنى أفعل ما شئت.
وقال الزهري: إن العبد لا يبتلى ربه، ولكن الله يبتلى عبده.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن عبدة، أنبأنا سفيان، عن عمرو، عن طاووس قال: أتى الشيطان عيسى بن مريم فقال: أليس تزعم أنك صادق، فاتِ هوة فألق نفسك قال: ويلك أليس قال: يا ابن آدم لا تسألنى هلاك نفسك، فإنى أفعل ما أشاء.
وحدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا حسين بن طلحة، سمعت خالد بن يزيد قال: تعبد الشيطان مع عيسى عشر سنين أو سنتين، أقام يوما على شفير جبل، فقال الشيطان: أرأيت أن ألقيت نفسى هل يصيبنى إلا ما كتب لى؟ قال: إنى لست بالذى أبتلى ربى، ولكن ربى إذا شاء ابتلانى، وعرفه أنه الشيطان ففارقه.
وقال أبو بكر بن أبى الدنيا، حدثنا شريح بن يونس، حدثنا على بن ثابت، عن الخطاب بن القاسم، عن أبى عثمان قال: كان عيسى عليه السلام يصلى على رأس جبل فأتاه إبليس فقال: أنت الذى تزعم أن كل شىء بقضاء وقدر.
قال: نعم.
قال: ألق نفسك من هذا الجبل، وقل قدر على.
فقال: يا لعين، الله يختبر العباد وليس العباد يختبرون الله عز وجل.
وقال أبو بكر بن أبى الدنيا، حدثنا الفضل بن موسى البصري، حدثنا إبراهيم بن بشار سمعت سفيان بن عيينة يقول: لقى عيسى بن مريم إبليس فقال له إبليس: يا عيسى بن مريم الذى بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلمت فى المهد صبيا، ولم يتكلم فيه أحد قبلك قال: بل الربوبية للإله الذى أنطقنى ثم يميتنى ثم يحينى.
قال: فأنت الذى بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيى الموتى، قال: بل الربوبية لله الذى يحيى من يشاء ويميت من أحييت ثم يحييه.
قال: والله إنك لإله فى السماء وإله فى الأرض، قال: فصكه جبريل صكة بجناحيه، فما نباها دون قرون الشمس، ثم صكه أخرى بجناحيه فما نباها دون العين الحامية، ثم صكه أخرى فأدخله بحار السابعة فأساخه، وفى رواية فأسلكه فيها حتى وجد طعم الحمأة، فخرج منها وهو يقول: ما لقى أحد من أحد ما لقيت منك يا ابن مريم.
وقد روى نحو هذا بابسط منه من وجه آخر.