إذ ذهبنا إلى أن الأدب الأفريقى، هو من يعبر عن المحليات والبيئات الأفريقية المختلفة، فرواية الأديب الكبير توفيق الحكيم "يوميات نائب فى الأرياف"، إحدى الروايات التى عبرت عن روح الريف، وجسدت الفساد فى المجتع.
صدرت «يوميات نائب في الأرياف»، في عام 1937، وهى ترجمة روائية لمشاهدات من الحوادث والقصص التي عاشها أثناء عمله نائباً، في إحدى مناطق الريف المصرى. وتدور أحداث الرواية حول معاناة هذا النائب القادم من القاهرة إلى الأرياف.
جاءت الرواية على شكل يوميات دوّنها الحكيم ما بين 11 أكتوبر ولغاية 23 من الشهر نفسه، وارتبط سرد الرواية بجريمة غامضة حدثت في إحدى القرى، ولأن كاتب الرواية وسارد الحكاية وكيل نيابة أو نائباً في المحكمة، فإنه سيتابع هذه القضية بحبكة بوليسية قوية، ومن خلالها يبدأ بالكشف عن واقع الريف المصرى في ذلك الزمان البعيد، وذلك ضمن محورين أساسيين «أوّلهما اجتماعى يتمثّل في مجتمع القرية الذي ما زالت تتحكّم فيه كثير من العادات المتخلّفة وبخاصة عادة الأخذ بالثأر، ولذلك تجده متكتماً حول القضية ولا يبوح بأسراره بغرض أخذ الثأر من الجانى أو ممن حوله من أقرباء، وثانيهما حكومى يتمثّل في سلكى القضاء والشرطة ومختلف الدوائر المرتبطة من المؤسسات الصحّية المؤتمنة على حياة الناس.
يظهر في هذه الرواية فساد المنظومتين الإدارية والقانونية، وعدم مقدرتهما على تحقيق العدل للفلاحين المساكين، حيث يعرضها الكاتب في أسلوب فكاهى ساخر، وهى رواية تراجيدية بالمعنى الدرامى، لمقاربتها حياة ومصائر مجتمع بأكمله، وكأنّه محكوم بقدر غاشم أمر بأن يبقى جاهلاً تتفشّى فيه أمراض الأمية والفقر وبؤس العلاقة مع الحكومة، التي لا يعنيها أمر تقدّمه أو أي شىء سوى الانتخابات وفوز مرشحيها بأية وسيلة حتّى لو تطلّب الأمر مخالفة القانون.
«يوميات نائب في الأرياف» تشتمل على تحقيقات جنائية قام بها توفيق الحكيم، ومعاينات لمسارح جرائم قتل، وحتى تشريح لجثث القتلى بعد نبش قبورهم، ولكن كل هذا ينتقل لنا بعد أن يمر على عدسة الأديب مرهف الحس الملاحظ والمحلل لما يدور في نفوس الناس من مشاعر وأحاسيس قد لا يراها أو يشعر بها غيره.