فى الوقت الذى لا يزال يعانى فيه العالم من تفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" والذى كانت الصين وبالتحديد مدينة وهان الصينية، موطنه الأول، أعلنت السلطات الصينية مستوى الخطر الثالث لتفشى مرض الطاعون الدبلى أو الدملى فى منطقة منغوليا الداخلية شمالى البلاد، وقالت السلطات الطبية إنها أعلنت مستوى الخطورة الثالث لانتشار المرض، أصدرت السلطات فى مدينة بيان نور بمنطقة منغوليا الداخلية الصينية تحذيرا، وذلك بعد يوم واحد من إبلاغ مستشفى بحالة يشتبه بأن تكون طاعونا دبليا.
يسبب الطاعون بكتيريا تسمى "يرسينيا بيستيس"، وينتشر عادة عن طريق البراغيث، و تلتقط هذه الحشرات الجراثيم عندما تعض الحيوانات المصابة مثل الفئران السناجب، ثم ينقلونه إلى الحيوان أو الشخص التالى الذى يعضونه، ويمكن أيضًا إصابة الطاعون مباشرةً من الحيوانات المصابة أو الأشخاص المصابين.
الصين استقبلت الآن حالة جديدة من الفيروس الذى عاش العالم بسببه فى رعب لسنوات طويلة، فهل كانت الصين هى أيضا من شهدت بداية ظهور هذا المرض تاريخيا؟
بحسب كتاب "عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور" لسوزان سكوت وكريستوفر دنكان، عانى الإنسان من الطاعون الدبلى لمئات السنين، وبالأخص فى منطقة الهضبة الآسيوية الوسطى التى اعتبرت مسقط رأس المرض؛ حيث قيل إنه وقع هناك ٢٣٢ نوبة تفشى فى الصين ما بين عامى ٣٧ و١٧١٨ ميلادية.
وقد أصبح مستوطنا فى إقليم يونان الصينية، وفى عام ١٨٥٥ أُرسلت قوات لقمع تمرد حدث هناك حيث انتشر بعدها مباشرة الطاعون الدبلى أكثر، ربما نتيجة لتنقل اللاجئين.
وقد وصل عاصمة الإقليم كونمينج عام ١٨٦٦ ثم مدينتى كانتون وهونج كونج بعدها بثمانى سنوات، وهو معدل انتشار بطيء إلى حد ما، ثم تحركت العدوى إلى الوراء نحو الهند عبر مدينة كلكتا عام ١٨٩٥ ونحو مومباى فى العام التالي.
وبدأت جائحة القرن العشرين الكبيرة، انتقل الطاعون الدبلى إلى القارتين الأفريقية والأمريكية، واستمر هناك وفى آسيا حتى يومنا هذا، مع أن الطواعين اختفت من أوروبا نحو عام ١٦٧٠، منذ أكثر من ٣٠٠ عام.
أما مصدر نقله للإنسان، ثمة العديد من الطرق الأخرى التى يمكن أن يُصاب بها البشر، فعندما يخرجون — على سبيل المثال من أجل الصيد أو التنزه — ربما ينتقل إليهم الطاعون الدَّبْلِى مباشرة من البراغيث التى تعيش على القوارض البرية. عادة ما يحدث هذا النمط من العدوى على نطاق ضيق عند حبس الحيوانات أو سَلْخ جِلدها أو تناول القوارض البرية، وإن كان قد أُصيب فى منشوريا بين عامى ١٩١٠ و١٩١١ نحو ٦٠ ألف صياد بالطاعون الدَّبْلِى من حيوان المرموط الذى كانوا يصطادونه من أجل الحصول على فِرائه، ومن حين إلى آخر يُصاب شخص بالطاعون الدَّبْلِى عند تناول لحم حيوان من الحيوانات المنزلية (مثل الماعز أو الجمل) التى كانت ترعى فى منطقة يسكنها قوارض برية مصابة.