نقرأ اليوم "فلسطين.. أربعة آلاف عام فى التاريخ" تأليف: نور مصالحة، وقد صدرت الطبعة الإنجليزية للكتاب فى عام 2018، بينما صدرت الطبعة العربية مؤخرا عن مركز دراسات الوحدة العربية.
يقول الكتاب تحت عنوان "فلسطين: الاسم الشائع المستخدم عبر التاريخ القديم" اسم فلسطين، الذى ظهر موثَّقًا أول مرة فى العصر البرونزى المتأخر، قبل نحو 3200 سنة (باليونانيّة Παλαιστίνη)، هو الاسم المصطلح عليه بين 450 ق.م و1948 م لوصف منطقة جغرافيّة بين البحر المتوسّط ونهر الأردن، وأراض مجاورة مختلفة.
ويستكشف هذا الكتاب تطوّر مفهوم فلسطين، وتواريخها، وهويتها، ولغاتها، وثقافاتها، من العصر البرونزى المتأخر، حتى العصر الحديث. إضافة إلى هذا، غالبًا ما يدرس تاريخ فلسطين فى الغرب، على أنه تاريخ أرض، لا على أنه التاريخ الفِلَسطيني، أو تاريخ شعب. هذا الكتاب يتحدّى المقاربة الاستعماريّة لفِلَسطين، والخرافة الخبيثة أرض بلا شعب، ويرى أن يُقرأ تاريخ فلسطين بأعين شعب فلسطين الأصلى، الفلسطينيون هم شعب فلسطين الأصلى، وجذورهم المحليّة منغرسة بعمق فى أرض فِلَسطين، وقد سبقت هويتُهم الأصليّة وميراثُهم التاريخى بزمن طويل بروزَ حركة وطنية فِلَسطينية محليّة وليدة فى أواخر العصر العثماني، وقدومَ الاستعمار الاستيطانى الصهيونى قبل الحرب العالمية الأولى.
لقد قال فريدريش نيتشه إن التاريخ يُكتَب دومًا من منظور خاص وبه، وإن الماضى يبدو مختلفًا حين يُرى من منظور مختلف، على الرغم من أن بعض زوايا النظر أكثر مدعاة للثقة، أو أقل تحريفًا من غيرها. لا يرمى هذا الكتاب إلى وضع سرديّة كبرى أو سرديّة فائقة لفِلَسطين، كوسيلة لرسم صورة معكوسة أو صورة نقيضة لأسس الأساطير الصهيونية. لكن النظر إلى زوايا الرؤية البديلة والناقدة، والبحث عن إثبات ودليل تجريبي، هما أيضًا عوامل مركزيّة فى الكتابة التاريخيّة النقديّة.
وهذا الكتاب، باستخدامه طيفًا واسعًا من الأدلة، والشهادات، والمصادر المعاصرة، يعتمد مقاربة من زوايا نظر متعدّدة لتاريخ فِلَسطين عبر الزمان، مع عدم الإشاحة عن حقائق البلد وشعبه الأصلي. والكتاب، فوق هذا، يرى أن التطور فى خطوط متوازية للتجربة المفهوميّة (Conceptual) لفِلَسطين، مع انعطافاتها وتحوّلاتها غير المنتظرة فى الزمان والمكان، يتركّز على أفكار عامة وملموسة، تمثل الخصائص التاريخيّة والأساسيّة والتجارب المعيشة لفِلَسطين وشعبها الأصلي.
إن وحدة فِلَسطين من حيث الجغرافيا - السياسيّة، وتمثلاتها فى السياقات (والتأطير المحلى لها) عميقة الجذور فى الوعى الجماعي، والتجارب اليوميّة لدى شعب فِلَسطين الأصلي، بثقافاته المتعدّدة وماضيه القديم المشترَك.
مفهوم الوطن القومى (الوطنيّة) فى فِلَسطين، وكل العالم العربى.