تصدر قريبا، طبعة جديدة من كتاب "سجون العقل العربى" لــ الكاتب طارق حجى، عن دار نشر النخبة، وكانت الطبعة الأولى من الكتاب قد صدرت فى عام 2009.
يقول طارق حجى فى مقدمة الكتاب:
لم يعذبنى كتاب كما فعل هذا السفر، كتبت ونشرت فصولاً منه فى كتب متفرقة: (نقد العقل العربى) و(الثقافة أولاً وأخيرًا) و(قيم التقدم) و(تأملات فى العقل المصرى)، وأخيرًا جلست وأعدت كتابة وترتيب جُلَّ ما سبق مع فيض من الحذف والإضافة والتعديل؛ بما يسمح لى بوصف ما حدث بإعادة الكتابة. وهكذا يصح (أرجو ذلك) أن أقول إن هذا السفر هو النص الناسخ لكل كتاباتى السابقة عن الحالة الراهنة للثقافة العربية المعاصرة، و بالتالى العقل العربى المعاصر.
ومادة هذا الكتاب (القديم - الجديد) تقول إن العقل العربى المعاصر هو أسير ثلاثة سجون سميكة الجدران، هى سجن الفهم البدائى للدين؛ وسجن الموروثات والمفاهيم الثقافية التى أثمرتها تجربتنا الثقافية-التاريخية؛ ثم سجن الفزع والجزع والرعب من الحداثة والمعاصرة؛ بحجة التخوف على خصائصنا الثقافية من الضياع والاختفاء والزوال أو امتزاج الدماء الشريفة لهذه الخصوصيات بالدماء غير الشريفة لثقافات وافدة !
وأرجو أن يغفر لى القراء الذين تابعوا هذا المشروع الفكرى كثرة التعديلات التى شابته و اعترته و لازمته (بل و تابعته) لأكثر من عشر سنوات (نشرت دار المعارف كتيبى "نقد العقل العربي" فى 1998) . وعذرى ومبررى هو جسامة وأهمية الموضوع؛ فمحنتنا المعاصرة والتى جعلتنا أبعد ما نكون عن طموحاتنا ليست ثمرة عوامل سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فحسب بقدر ما هى (فى المقام الأول) ثمرة عوامل ثقافية هى التى يتناولها هذا الكتاب ... وإن كنت لا أنكر دخول العوامل الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية فى علاقة جدلية تعطى مقام الأولية لكل منها مع اختلاف زاوية التناول لمحنة مجتمعاتنا الآنية والتى أخذتنا بعيدًا عن مسيرة التقدم والتمدن الإنسانيين.