على مدار التاريخ الإسلامى، شهد المسلمون حروبا ومعارك كثيرة، من أجل نصرة الإسلام، ودفاعا عن الدعوة، لكن الغريب أنه كانت هناك حروبا دارت بين المسلمين أنفسهم واقتتل أبناء الدين الواحد بسبب مشاكل سياسية وتنازع على الحكم، ولعل بداية هذه الأحداث كانت فيما يعرف تاريخيا بـ"الفتنة الكبرى".
وكان للفتنة الكبرى أثر كبير فى تحويل المسار فى التاريخ الإسلامى، فتسببت بانشغال المسلمين لأول مرة عن الفتوحات بقتال بعضهم البعض، كما تسببت ببداية النزاع المذهبى بين المسلمين، فبرز الخوارج لأول مرة.
معركة الجمل
هى معركة وقعت فى البصرة عام 36 هـ بين قوات أمير المؤمنين على بن أبى طالب والجيش الذى يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، بالإضافة إلى أم المؤمنين عائشة التى قيل إنها ذهبت مع جيش المدينة فى هودج من حديد على ظهر جمل، وسميت المعركة بالجمل نسبة إلى ذلك الجمل.
وكان الخلاف الذى وقع سببه أن معاوية ابن أبى سفيان، كان يريد القصاص من قتلة عثمان رضى الله عنه، وعلى رضى الله عنه يريد استقرار الدولة أولًا، ثم يرى رأيه فى أهل الفتنة، ويقتل منهم من يستحق القتل، ويعزر من يستحق التعزير بعد أن تقوى شوكة المسلمين، وتزول الفتن القائمة.
معركة صفين
ووقعت معركة صفين بعد موقعة الجمل بسنة تقريبا، على الحدود السورية العراقية والتى انتهت بعملية التحكيم فى شهر رمضان من سنة سبع وثلاثين للهجرة، حيث كان يرفض معاوية بن أبى سفيان مبايعة الإمام على بن أبى طالب خليفة للمسلمين.
وكان معاوية رضى الله عنه يرى أنه ولى دم عثمان، وأنه لا بدّ من الأخذ بثأره من هؤلاء القتلة، وأنه لا يجوز له بحالٍ أن يقصر فى هذا الأمر، ويرى على بن أبى طالب رضى الله عنه أن هذه الفئة هى الوحيدة الخارجة عليه من كل الدولة الإسلامية، ومن ثَم تجب محاربتها لردها إلى الحق، وإلى جماعة المسلمين.
فخرج الفريقان بنية الاقتتال، وأثناء المعركة ولما رأى معاوية بن أبى سفيان انتصارات جيش على بن أبى طالب على جيشه، وقد قرب منه القائد مالك الأشتر مع مجموعته، دعا عمرو بن العاص إلى خطة للوقوف أمام هذه الانتصارات، فرفعوا المصاحف على أسنة السيوف اعلانا للصلح.
معركة كربلاء
بعد أن استلم يزيد بن معاوية خلافة المسلمين، حاول أن يبحث عن طريقة تمنحه صفة شرعية فى الخلافة، فبعث إلى الحسين بن على يطلب منه أن يبايعه فى الخلافة ولكنَّ الحسين رفض وغادر المدينة المنورة سرًّا إلى مكة المكرمة واعتصم بها، وعندما وصلت أنباء اعتصام الحسين بن على فى مكة إلى الكوفة، فقامت بعض الحركات المؤيدة لاعتصام الحُسين، فكتبوا إلى الحسين يطلبون منه القدوم إلى الكوفة ليبايعوه على الخلافة.
عندما التقى الجيشان فى معركة كربلاء بدأ الجيش الأموى يمطر أنصار الحسين بالسهام فقُتل الكثير منهم، والتحم الجيشان واستمر القتال ساعة واحدة، انتهى بمقتل سيد الشهداء الإمام الحسين على يد جنود يزيد بن معاوية.
صدام الأمويين وعبد الله بن الزبير
بعد أن خلُصت الشام للأمويين، انحصر الصراع بين ابن الزبير والأمويين فى جبهتين: العراق والحجاز. ففى جبهة العراق، وبعد أن استقرت الأمور فى الشام لصالح الأمويين، قرر عبد الملك السير إلى العراق سنة 71 هـ لقتال مصعب بن الزبير.
بعد أن استولى الأمويون على المدينة، وجد ابن مروان أن الفرصة قد سنحت للإجهاز على ابن الزبير، فأرسل له جيشًا ضخما بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، فنزل الطائف وجعل يبعث السرايا إلى عرفة، فتقتتل مع سرايا ابن الزبير وتهزمها. ثم أرسل الحجاج يطلب المدد، ويستأذن عبد الملك فى دخول مكة لمحاصرة ابن الزبير، وخاض معركة أخيرة أمام الأمويين فقاتل قتالاً شديدًا حتى قتل وقتل معه عبد الله بن مطيع العدوى وعبد الله بن صفوان الجمحى وهو متعلق بأستار الكعبة، وكان ذلك فى يوم الثلاثاء 17 جمادى الآخرة سنة 73 هـ، بعد أن حُوصر فى مكة لأكثر من ثمانية أشهر.
معركة الزاب
وقعت فى 11 من جمادى الآخرة عام 132 هـ الموافق 25 يناير 750 قرب نهر الزاب الكبير وهو أحد روافد نهر دجلة، ويقع فى شمال العراق، وقعت المعركة بين الخليفة الأموى الأخير مروان بن محمد وعبد الله بن علي، حيث التقى الجيشان فى منطقة الزاب بين الموصل وأربيل، فانهزم جيش مروان وفر إلى مصر حيث قُتل فى مدينة أبى صير فكان آخر خلفاء بنى أمية فى الشام. وبمقتله انتهت عمليًا الخلافة الأموية ولذلك تعد إحدى المعارك الفاصلة فى التاريخ الإسلامي، ولم ينج من الأمويين إلا عبد الرحمن بن معاوية المُلقب بـعبد الرحمن الداخل، الذى بدوره فر إلى الأندلس وأسس الدولة الأموية الثانية بها.