واصل الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، هجومه على المتظاهرين الأمريكيين الغاضبين من مقتل المواطن الأمريكى الأسود جورج فلويد، حيث شن "ترامب" مجددا، هجوما حادا واصفا المحتجين بـ"الأناركيين" الذين يكرهون البلد.
وقال الرئيس الأمريكي عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" :"إن المحتجين هم في الواقع أناركيين يكرهون بلادنا".
وكان الرئيسالأمريكى دونالد ترامب، اتهم مطلع يونيو الماضى، الأناركيين بالإرهاب، والكراهية لأمريكا، وحمل حركة "أنتيفا" التورط فى سلب ونهب المؤسسات المالية وتنظيم أعمال عنف بالتوازى مع الاحتجاجات على مقتل رجل أمريكى من أصول إفريقية، على أيدى رجال الشرطة فى مينيابوليس بولاية مينيسوتا، وكان لافتا ربط الرئيس الأميركى دونالد ترمب حركة "أنتيفا" بـ"الأناركية"، متوعدا بتصنيف "أنتيفا" حركة إرهابية.
وقال ترامب فى إحدى تغريداته: "إلى رؤساء البلديات والمحافظين الديمقراطيين. هؤلاء الناس هم الأناركيون. اتصلوا بالحرس الوطنى لدينا الآن. العالم يراقبكم ويضحك عليكم وعلى النائب جو. هل هذا ما تريده أميركا؟ لا!
و"الأناركية" هى فلسفة سياسية وثورية واقتصاد سياسي، ففى حين أن هناك العديد من التعريفات إلا أن معظمها يتوافق على التعريف الذى صاغه بيتر كروبوتكين، وتعنى أيضا "غياب الحكم" أو "غياب السلطة"، إنها تعنى غياب الهيمنة والتسلسل الهرمى والسلطة على الآخرين وهى نوع من الفوضوية المنظمة.
فوفقا لكروبتكين، فإن "الأناركية" هى اسم يطلق على مبدأ أو نظرية الحياة والسلوك الذى يتم بموجبه تصور المجتمع بدون حكومة، ويشير إلى أن الوئام فى المجتمع الذى يتم الحصول عليه ليس من خلال الخضوع للقانون، أو من خلال الطاعة لأى سلطة، ولكن من خلال الاتفاقيات الحرة المبرمة بين المجموعات المختلفة الفاعلة فى المجتمع، ومن خلال الجماعات المهنية، التى تم تشكيلها بحرية من أجل الإنتاج والاستهلاك، وكذلك من أجل تلبية مجموعة لا حصر لها من احتياجات وتطلعات الناس".
وبحسب كتاب "بدايات وتحولات أصل الأناركية" تأليف سامح سعيد عبود فإن الأناركية مشتقة من الكلمة الإنجليزية (Anarchism) التى تعود لليونانية؛ وتعنى التحررية أو اللاسلطوية. والأناركية اتجاه سياسى يرفض الدولة وكل المؤسسات الهرمية كذلك، ويعتقد الأناركيون أنها غير ضرورية وغير مرغوب بها.
ويشير الكتاب إلى وجود الأناركية فى الصين القديمة أيضاً، وتحديداً إلى الفلسفة الطاوية فيها، كما تطرق الكاتب كذلك إلى امتداد الأناركية فى الفكر اليونانى القديم؛ حيث يعتقد أنَ اليونان شهدت بعض النصوص الأناركية التى تنتمى لبعض المفكرين، الذين اعتقدوا أنَه ليس من الحكمة أن يتخلى الناس عن حرياتهم لصالح الدولة.
كما أرجع الكاتب الأناركية إلى العصور الإسلامية؛ ويزعم أنه تم العثور على بعض مظاهر الفكر الأناركى فى العصور الإسلامية المبكرة، بعض فقهاء المسلمين، دعمها -حسب تفسيره- عامر البصرى وأبو حنيفة النعمان، وعززتها حركات مقاطعة الحكام مما مهد الطريق إلى تأسيس نظام الوقف الإسلامى الذى كان بمثابة بديل للناس لتمويل الملاجئ والمساجد والأسبلة وغيرها. لفت الكاتب أيضاً إلى المسلمين الخوارج الذين لم يروا ضرورة لوجود الإمام إلا فى حالة الحرب، أما فى حالة السلم، فيحتكم الأفراد فيما بينهم؛ وأشار أيضاً إلى بعض مفكرى المعتزلة فى القرن التاسع مستشهدًا بأبى بكر الأصم، والذين تم اعتبارهم أناركيين –حسب تصنيفه- فيما يتعلق بمسألة السلطة.
وذهب الكاتب إلى أناركيى العصور الوسطى كذلك؛ مستشهداً بما كتبه "جورج لاكتير" بأنَ "المؤسس الفعلى للأناركية كان يسوع المسيح"؛ وبأن المجتمع الأناركى الأول مكونٌ من الرسل والمسيحيين الأوائل. كما أكد الكاتب وجود مجموعات متنوعة من الحركات الدينية اللاسلطوية خلال العصور الوسطى فى أوروبا، ثم تناول الأناركية فى عصر الثورة الفرنسية، مُشيراً إلى اليعاقبة أو جماعة الغاضبين. ثم اتجه الكاتب ليتناول الأناركية المعاصرة، وأهم منظريها وتفرعاتها.