واحدة من أروع الروايات التى تناولت حقبة الإمبراطورية الرومانية، وصاغت من خيالها تفاصيل لم تذكرها الأحداث التاريخية، هى رواية "مذكرات هادريان" للروائية الأمريكية من أصول فرنسية مارجريت يورسنار، والصادرة عام 1951.
تتناول الرواية سيرة أحد أعظم أباطرة الرومان؛ هادريان، تجرى الأحداث على لسان هادريان نفسه، وتجرى أحداث الرواية فى أرجاء الإمبراطورية الرومانية من إسبانيا حيث مولد هادريان إلى بريطانيا وروما وأثينا وسوريا وفلسطين وأحداث طرد اليهود وزيارته للمنيا وفيله والإسكندرية.
تشكل حياة هادريان صراع النفس الإنسانية مع المعتقد والتحول وتأثير الفلسفة الإغريقية وتغيرها مع جمود روما فكانت أثينا أحب إلى نفسه من روما.
ومن المعروف تاريخيا أن الإمبراطور هادريان وضع، في زمن متقدم من حياته كتاب مذكرات، جرى الحديث عنه كثيراً، لكن أحداً لم يعثر له على أثر، وانطلاقاً من هذه الواقعة تصورت مارغريت يورسنار أن في إمكانها أن تكتب مذكرات الإمبراطور، لا لتحيى ذكراه وتمتدح أعماله فقط، ولكن أيضاً لتقدمه أمثولة في حكم الشعوب، ولتقول، انطلاقاً من فكرة أفلاطون حول الملك/ الفيلسوف.
أن ما جعل هادريان مختلفاً إنما هو شغفه بالعلم والفكر والفنون، وإعجابه خصوصاً بالثقافة الإغريقية وبالموسيقى والرياضيات والنحت والرسم، وهذا الشغف لم يبق لديه، طبعاً، عند حدود الاعجاب النظري، بل تحوّل الى ممارسة، حيث يخبرنا هادريان في رواية يورسنار، كيف بنى المعابد وشجع على نحت التماثيل وأقام المكتبات، كما يخبرنا كيف أنه جعل السلطة الأساس في يد جهاز للحكم هو عبارة عن مجلس استشاري يعيّن الحاكم، ويتألف من رجال حقوق ومفكرين ضليعين في السياسة.