تسطر مقتنيات متحف النسيج المصرى بشارع المعز- الذى يصنف الأول من نوعه فى الشرق الأوسط، والرابع عالميا- حكايات مصرية نسجت تاريخا عظيما على مر العصور، من أهمها الجناح الخاص بكسوة الكعبة المشرفة التى تبدو متلألئة بتصميمها وزخارفها.
وقالت الأثرية هدير جمال أمين المتحف إن مصطلح كسوة الكعبة يطلق على الكسوة التى تغطى الجدران الأربعة للكعبة من أعلاها حتى أسفلها، وكان أول من كسا الكعبة المشرفة سيدنا إسماعيل عليه السلام، واستمر بعد ذلك تقليد كسوتها إجلالاً واحترام لبيت الله الحرام.
وأضافت أن الروايات التاريخية التى ذكرت ألوان كسوة الكعبة المشرفة، تعددت، حيث أشارت إلى أنه تم استخدام سبعة ألوان فى عمل الكسوة على مر التاريخ، وهى "البنى، الأحمر، الأبيض، الأصفر، الأخضر، الأسود، والذهبى للتزيين"، ويعد اللون الأسود أكثر الألوان بقاء على الكعبة المشرفة.
وأوضحت أن الحكام الفاطميين اهتموا - فى عهد الدولة السعودية الفاطمية- بإرسال كسوة الكعبة- التى كانت بيضاء اللون آنذاك- كل عام من مصر، فيما استمر إرسال الكسوة فى عهد الدولة المملوكية- وبالأخص فى عهد السلطان الظاهر بيبرس- شرفا عظيما، حتى سقوطها.
وأشارت أمين إلى أنه فى عهد الدولة العثمانية اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة، وزركشتها، وكذلك كسوة الحجرة النبوية، مؤكدة أنه استمر إرسال كسوة الكعبة بانتظام من مصربصورة سنوية يحملها أمير الحج معه فى قافلة الحج المصرى فى موكب عظيم.
وأكدت أنه فى عهد محمد على باشا، توقفت مصر عن إرسال الكسوة لمدة ست سنوات تقريبا، وذلك بعد الصدام والنزاع الذى حدث بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى الأراضى الحجازية، وقافلة الحج المصرية فى عام ١٢٢٢هـ الموافق عام ١٨٠٧م، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة فى ١٢٢٨هـ.
ولفتت أمين إلى أنه تم تأسيس دار لصناعة كسوة الكعبة بحى الخرنفش، بالقرب من شارع المعز بالقاهرة عام ١٢٣٣هـ،و ما زالت هذه الدار موجودة حتى الآن، مشيرة إلى أنه فى عام ١٩٦٢م توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة، وذلك لتولى المملكة العربية السعودية شرف صناعتها.
وقالت -عن كسوة الكعبة فى متحف النسيج- إنه تم تخصيص جناح مميز لعرض الكسوة داخل متحف النسيج، مؤكدة أنها تتضمن عرض حزام من كسوة الكعبة مستطيل الشكل من الحرير الكحلي، عليه كتابات مطرزة بخيوط الفضة بأسلوب السيرما (وهو فن من فنون التطريز النادرة).
وأضافت أمين أن نص هذه الكتابات هو (صنعت هذه الكسوة بأمر المتوكل على الله فاروق الأول ملك مصر أُهديت إلى الكعبة المشرفة فى عهد خادم الحرمين الشريفين "عبد العزيز آل سعود' ملك المملكة العربية السعودية)، مشيرة إلى أن الكتابات محاطة بإطار من الزخارف النباتية مطرزة بأسلوب السيرما، إضافة إلى الآيات القرآنية مكتوبة بخيوط السيرما الفضية المنفذة بدقة بارعة على شريط الحرير الكحلى ثم "مصر 1355هـ - 1361هـ / 1936 - 1942م ".
وكشفت عن وجود قطعتين من الحرير -داخل قاعة العصر العثمانى فى الطابق العلوى بالمتحف النسيج- تعودان لنهاية العصر المملوكي، وبداية العصر العثمانى الأولى، تمثل جزءا من كسوة الحجرة النبوية الشريفة من الحرير الأخضر، والأخرى تمثل جزءا من كسوة الكعبة المشرفة من الحرير الأسود.
وأشارت أمين إلى المتحف يضم أيضا "ستارة باب التوبة"، وهى مستطيلة الشكل تتميز بزخارفها النباتية، وآيات قرآنية، وكتابات مطرزة بخيوط معدنية فضية بأسلوب السيرما، وتحمل نص"بسم الله الرحمن الرحيم.. أمر بتجديد هذه الستائر الشريفة صاحب الجلالة فاروق الأول ملك مصر ابن فؤاد الأول ابن إسماعيل باشا ابن الحاج إبراهيم باشا".