تمر اليوم ذكرى رحيل "فان جوخ" وذلك فى 29 يوليو من عام 1890 بعد حياة حافلة بالفن ومضطربة فى الواقع، وقد كشفت اللوحات الفنية العديد من هذه الاضطرابات، لكن ماذا عن شخصيته بالفعل، هذا ما يحدثنا عنه كتاب "المخلص دوما، فنسنت – الجواهر من رسائل فان جوخ"، الذى صدرت ترجمته عن "الكتب خان" والرسائل من إعداد ليو يانسن، وهانز لويتن، ونيينكه باكر، وترجمها عن اللغة الإنجليزية الكاتب والشاعر ياسر عبد اللطيف والشاعر محمد مجدى "هيرمس" ومن تحرير ياسر عبد اللطيف.
يقول الكتاب:
رسم فان جوخ لنفسه شخصية صادمة، وتصفه جو فان جوخ بونجر التى تعرفت إليه عام 1890 كـ "رجل متين، عريض المنكبين ببشرة صحية، بتعبير منشرح وشىء من التصميم فى مظهره"، كان قصير القامة بعينين خضراوين ولحية صهباء ونمش فى وجهه، وكان شعره فى لون الزنجبيل كأخيه "تيو" الذى يصغره بأربعة أعوام. كانت ملامح وجهه تختلج ويداه تبدوان في حركة مستمرة، وهو أقرب إلى أن يكون غير اجتماعى، مما جعل منه كائنا صعب المعشر، كان الناس يخشونه أحيايا لمظهره الأشعس وأسلوبه اللاذع فى الحديث. مظهره وتصرفه كانا يفضان الناس من حوله، مما جعل حياته شاقة.
وكان فان جوخ مقتنعا بأنه دائما على صواب، وذلك جعل منه كائنا مزعجا، كان إنسانا شغوفا ممسوسا، وميله للتصرف كشخص متمحور حول ذاته جعل العديد من الناس ينفرون منه، كانوا يرونه كـ "مجنون – متشرد" وقد رفض فان جوخ أن يسمح لذلك بتكديره "صدقنى فأنا أضحك من قلبى على اتهام الناس لى بارتكاب أفعال شريرة وحماقات لم أتخيلها قط، فى حين أني حقيقة مجرد صديق للطبيعة، وللدراسة وللناس قبل أى شىء" وهو لم يتجنب المواجهة باذلا ما فى وسعه، وفى مارس 1887 وصفه "تيو" فى خطاب لشقيقهما "ويل" قائلا "إنه عدو لنفسه".
كان فان جوخ يميل إلى استبطان ذاته، ولم يتوان عن استكشاف ووصف تقلباته المزاجية، أو إعادة تعريف موقفه الأخلاقى، وكان يفعل ذلك أساسا إذ لا يجد من يتكلم معه، وباختياره لحالته الذهنية، اكتشف فى نفسه فردا "شديد الحساسية" وفى عمر التاسعة والعشرين رسم صورة شديدة القسوة لنفسه:
"لا تتخيل أننى أعتقد فى نفسى الكمال، أو أننى أعتقد أنه ليس خطئى أن عديدا من الناس يجدوننى شخصا منفرا".