احتفل محرك البحث الشهير جوجل اليوم بميلاد الفنانة المصرية بهيجة حافظ التى ولدت فى 4 أغسطس من عام 1908 وكانت أول مخرجة ومؤلفة موسيقى تصويرية فى مصر، كما كانت منتجة سينمائية، ومن أشهر أفلامها "ليلى بنت الصحراء" ولهذا الفيلم قصة تستحق الرواية.
ويقول كتاب "سلطة السينما .. سلطة الرقابة" لـ أمل عريان فؤاد، فيلم "ليلى بنت الصحراء" حاولت من خلاله منتجته ومخرجته بهيجة حافظ الارتقاء بالإنتاج السينمائى المصرى، ليسمح بالمنافسة فى دول العالم المتقدم، ولذا لم تبخل بهيجة حافظ فى توفير كل ما يلزم لإنتاج الفيلم، فقيل إن تكاليف الفيلم وصلت إلى 10 ألف جنيه، بينما قالت بهيجة حافظ أن التكاليف وصلت إلى 60 ألف جنيه، وهو رقم كبير فى ذلك الوقت، حيث إن أفضل فيلم لم تكن ميزانيته عشرة آلاف جنيه.
قامت بهيجة ببطولة الفيلم إضافة إلى الإخراج والمونتاج، وقد شاركها فى التمثيل حسين رياض وزى رستم وعباس فارس وراقية إبراهيم، ووقع اختيار بهيجة حافظ حافظ على قصة "ليلى العفيفة" الشاعرة الجميلة التى ذاع صيتها، وانتشر فى البادية والحضر إلى أن تصل شهرتها إلى مسامع "كسرى أنو شروان" ملك الفرس، الذى كان يعيش حياة الترف والاستبداد والانحلال، فأرسل من يختطفها ويقتادها إلى قصره، وهناك أثارت إعجاب كسرى فحاول الاعتداء عليها إلا أنها قاومته بشدة فما كان منه إلا أن ضمها إلى جواريه، ولكنها ظلت على تمنعها وطالبت بالرجوع إلى البادية لتتزوج من ابن عمها (البراق) الذى تحبه فثار عليها كسرى وأمر بجلدها بالسياط، لترضخ له إلا أن ذلك زادها تمنعا وإصرارا، واستنجدت بحبيبها البراق، فكانت سببا فى الثورة ضد كسرى حيث قام البراق وفرسانه بالهجوم على قصر الحاكم الظالم وأنقذ حبيبته.
وقد عرض فيلم "ليلى بنت الصحراء" فى 18 فبراير عام 1937 بسينما رويال بالإسكندرية، واشتركت بهيجة بالفيلم فى مهرجان برلين السينمائى الدولى، وحصل الفيلم على إحدى جوائز المهرجان الذهبية فكان أول فيلم ناطق يمثل مصر فى هذا المهرجان ويحصل على جائزة.
ومن الملاحظ على قصة الفيلم أنه لم يكن فيها ما يمس أى محظورات الرقابة، بدليل موافقة الرقابة على الفيلم منذ البداية، ولكن ما حدث فى الاقع كان مثيرا للجدل والاستغراب، فقد وقع الفيلم ضحية للظروف السياسية، التى كانت تمر بها مصر فى تلك الآونة بعد جلوس الملك فاروق على العرش، فى نفس الوقت الذى وقع فيه مصطفى النحاس باشا معاهدة 1936 مع المستعمرين، وبركان الغضب الذى تغوص فيه البلاد، بسبب الاحتلال والأوضاع الداخلية المتردية والمضطربة، وكما كان على عرش مصر ملكا قاصرا، كذلك كان فى عرش إيران، حيث تولى الأمير محمد رضا بهلوى حكم إيران فى نفس الوقت الذى كان يواجه فيه اضطرابات خارجية حيث إن بلاده كانت مستهدفة من روسيا ومن بريطانيا أيضا، وقد أراد الملكان أن يدعما عرشيهما بالتعاون لذى يصل إلى حد المصاهرة بعد أن جاء الأمير محمد رضا بهلوى ولى عهد إيران لخطبة الأميرة فوزية رسميا، ليتم الزواج بالفعل فى 15 مارس 1939 فى قصر عابدين، وفى خصم تلك الأحداث أرسلت الحكومة الإيرانية احتجاجا رسميا على عرض فيلم (بنت الصحراء) باعتباره يسيء إلى تاريخ (كسرى أنو شروان) ملك الفرس القديم، بل وقام سفير إيران فى مصر "محمد على جم" بعمل اتصالاته مع القصر فصدرت الأوامر العليا بوقف عرض الفيلم، وقد جاء القرار من الملك فاروق شخصيا ليصيب بذلك القرار بهيجة حافظ فى مقتل ويتسبب فى إفلاسها.