لا يزال لبنان الجميل يعانى، حروب أهلية وتدخلات خارجية، وأزمات سياسية واقتصادية متلاحقة، جعل الوضع هناك أكثر مأسوية وكارثية عما تشهده الكثير من بلدان المنطقة التى تعانى من حروب أهلية وطائفية كبيرة، أثقلت كاهل شعبه، وأحدثت أزمة اقتصادية دفعت بالمواطنين إلى البحث عن الطعام فى مكبات القمامة.
ولا يزال العالم يعيش فى صدمة كبيرة، بعد الانفجار المروع الذى هز العاصمة اللبنانية بيروت أول أمس الثلاثاء، وتسبب فى مقتل العشرات وجرح الآلاف من اللبنانين، حيث أعلن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب أن نحو 2750 طناً من نترات الأمونيوم، كانت مخزنة فى مستودع بمرفأ بيروت لمدة ست سنوات، هى المسؤولة عن الانفجار.
ووصف عدد من المتابعين للشأن اللبنانى، أن ما تعانيه الجمهورية اللبنانية، حالة من الانهيار الحضارى، نتيجة تردى كبير فى كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتبدو الأحداث المتلاحقة التى تشهدها الجمهورية اللبنانية الآن، ولهذا نستعرض عبر السطور المقبلة الحضارات القديمة التى شهدتها لبنان على مر عصورها، وكيف عانت :
حضارة التيبى
تعد حضارة التيبى أو كوبيك تيبى هى أقدم الحضارات الإنسانية عمراً، ومن أقدم الحضارات التى عرفها اللبنانيون عبر تاريخهم، إذ نشأت فى منطقة الهلال الخصيب قبل 10 آلاف عام قبل الميلاد، حيث عثر على آثار لهم يعود تاريخها لـ10000 عام قبل الميلاد، وتعتبر تلك الآثار أقدم تماثيل موجودة على سطح الأرض.
ويعتقد عدد من العلماء والباحثين، أن (كوبيك تيبى) هو المكان الذى استراحت فيه سفينة نوح، فهى تبعد نحو 600 كيلومتر عن المكان الذى رست عليه سفينة نوح كما تذكر كتب التاريخ.
ولعل سقوط تلك الحضارة القديمة، محل بحث، ولا يزال لغزًا حير العلماء كثيرًا، حيث أن المكان تعرض للطمر بعناية بالغة تحت الرمال كما لو كان مدفونا، ولكن لا توجد إجابة حقيقية عن سبب دفن هذا الأثر فهل تم دفنه لإخفائه عن أعين الغزاة أو للحفاظ عليه على أمل العودة إليه مرة أخرى؟
الحضارة البابلية
واحدة من أعظم حضارات التاريخ، عرفت قديمًا ببلاد سومر التى وقعت بين نهرى دجلة والفرات فى العراق ، ظهرت ما بين القرنين 6 و18 قبل الميلاد، وكان مركزها مدينة بابل، أسسها حمورابى عام 1763ق.م. وهزم حمورابى الآشوريين فى عام 1760 ق.م، وامتدت تلك الحضارة إلى منطقة الهلال الخصيب ومن بينها لبنان.
ومع دخول الاسكندر الأكبر المقدونى بابل عام 331ق.م، فاستقبله سكانها بوصفه محررًا لهم من الفرس واعترفوا بحكمه. وعمل هو على كسب ودهم بتقديم الأضاحى لمردوخ وبإعادة بناء المعابد التى هدمها إحشويرش، كما وضع مخططًا لإعادة بناء الزقورة، فقدت الحضارة البابلية فى المراحل التالية أهميتها بعد تأسيس سلوقس الأول عام 300ق.م مدينة سلوقية التى تقع شمال بابل على نحر دجلة بنحو 90كم، واتخاذها عاصمة له، ولم يأت القرن الأول الميلادى حتى تحولت بابل إلى مدينة مهجورة، وانتهت الحضارة البابلية.
الحضارة الفينيقية
واحدة من أعظم الحضارات على مر العصور، شهدتها منطقة الهلال الخطيب قبل 2500 عام قبل الميلاد، ويوافق العلماء عموما على أنها تشمل المناطق الساحلية فى شمال فلسطين اليوم ولبنان وجنوب سوريا، أسس أصحابها إمبراطورية واسعة، وأسسوا مستعمرات كثيرة، وصلت إلى قرطاج فى تونس حاليا.
لكن تلك الحضارة العظيمة اختفت أيضا، حيث لم يميل الفينيقيون فى إقامة دولة قوية على غرار البابليين والآشوريين والمصريين إنما كانوا مقسمين إلى عدة دويلات(مدن)، وكان التنافس سائدا بينها، وتعود أسباب عدم إيجاد الوحدة السياسية بينها إلى ما يلي:
التنافس التجارى فيما بينهم صعوبة المواصلات "جبال-غابات-أودية-مسالك وعرة"، وبالرغم من عدم توصل المدن الفينيقية إلى إيجاد الوحدة السياسية، فقد كان التحالف أحيانا يتم بين بعضها تحت زعامة إحدى المدن الكبرى بدافع الخوف من أخطار خارجيّة كانت تهدّدها.