قدمت المخابرات المصرية العديد من الأبطال فى ملف الجاسوسية، استطاعوا أن يكتبوا تاريخا مجيدا لحاضر هذه البلاد، وكان لمواقف الوطنية سببا فى انتصارات كبيرة حققتها البلاد على أعدائها، حيث لعبوا دورًا كبيرًا فى إمداد البلاد ببعض المعلومات السرية والبيانات ذات الحساسية فى مواجهتها مع بعض الدول المعادية.
وتمر اليوم الذكرى الـ81، على ميلاد البطل الشهير أحمد الهوان، الشهير برأفت الهجان، أحد أبطال ملف الجاسوسية المصرية، والتى صنع لمسيرته الخالدة مسلسلا من بطولة النجم الراحل محمود عبد العزيز، حيث يعتبر أحد أهم العملاء الذين شهدهم صراع المخابرات المصرى الإسرائيلى، وفى التقرير التإلى نوضح أبرز أبطال ملف الجاسوسية المصرية:
مصطفى حافظ
كان «حافظ» مسئولاً عن تدريب الفدائيين وإرسالهم داخل إسرائيل، وكذلك عن تجنيد العملاء لمعرفة ما يجرى بين صفوف العدو ووراء خطوطه، وأصبح الرجل الأقوى فى غزة، التى كانت تابعة للإدارة المصرية، بعد تقسيم فلسطين فى عام 1947.
وفى أكتوبر 1948 عين حاكما لرفح، ثم سافر إلى غزة فى أوآخر عام 1951 حيث تولى بنفسه عملية تدريب الفدائيين الذين دخلوا إلى قلب إسرائيل، ورغم السنوات الطويلة التى قضاها مصطفى حافظ فى محاربة الإسرائيليين فإنه لم يستطع أحد فى أجهزة المخابرات الإسرائيلية أن يلتقط له صورة. اغتيل عام 1956 على يد المخابرات الإسرائيلية عن طريق إرسال طرد مفخخ نقله عميل "مزدوج".
صالح عطية
اسمه الحقيقى صالح عطية، راعى غنم ودواجن سيناوى، كان يقيم مع والديه فى كوخ صغير بالقرب من بئر قليلة المياه داخل أراضى سيناء، وقصته باختصار تتمحور حول رغبة المخابرات المصرية فى تجنيد والده عميلا لصالحها للحصول على معلومات من المعسكرات الإسرائيلية، بعد نكسة 1967، ولكن خطرت ببال الضابط المكلف بتجنيده فكرة تجنيد الطفل بدلاً من والده، بعد أن شعر بنشاط الطفل وهمته أثناء زيارته بيت الشيخ عطية، والد صالح.
من هنا بدأ تجنيد الطفل صالح، وأخذ يتلقى دروسًا على يد رجال المخابرات المصرية لجمع المعلومات، وظل صالح يقوم بجمع البيض وبيعه فى معسكرات الإسرائيليين فى سيناء وأثناء عملية البيع يقوم بجمع المعلومات عن أعداد الجنود وأماكن نومهم والمعدات الموجودة بالمعسكرات.
وظل الطفل يجمع المعلومات ويبلغها للمخابرات إلى أن تم تدريبه على وضع أجهزة تجسس دقيقة داخل حجرات القيادة تمكنت المخابرات من خلالها إلى الاستماع لجميع ما يحدث داخل وحدات قيادة الجيش الإسرائيلى، وبعد الإنتصار فى حرب 1973 انتقل عطية مع أسرته إلى القاهرة، وأصبح ضابطًا فى المخابرات العامة المصرية.
عمرو طلبة
"عمرو مصطفى طلبة "، الذى تم زرعه داخل المجتمع الإسرائيلى، كان طالبا فى إعدادى كلية الهندسة، قبل أن يطلب منه والده تلك التضحية ليخلد اسمه فى سجل الأبطال، وهو ما ظهرت تفاصيله عقب الإفراج عن تفاصيل القضية منذ سنوات قليلة.
بدأت العملية عام 1969، عقب نكسة يونيو، حين فكرت المخابرات المصرية بزرع العديد من الشباب داخل المجتمع الإسرائيلي. كان الهدف من العملية الحصول على معلومات عن الجيش والمجتمع الإسرائيلي، وكان رمزه الكودى فى المخابرات 1001"، وعند اقتحام الجيش المصرى خط بارليف، فوجئ الجنود والضباط المصريين المتواجدون على خط بارليف بزيارة قائد عسكرى مصرى كبير ووفد مرافق له إلى موقعهم.
وأخذوا يبحثون بين جثث العدو حتى وجدوا ما يريدوه، وهى جثة الجندى الإسرائيلى موشى رافى، انتشلوا الجثة ولفوها بعلم مصر وقرءوا عليها الفاتحة ثم نقلوها إلى القاهرة.
رأفت الهجان
اسمه الحقيقى رفعت على سليمان الجمال، واسمه الحركى «رأفت الهجان»، واسمه المقيد فى السجلات الإسرائيلية «جاك بيتون»، ولد فى دمياط فى 1 يوليو 1927، لأب تاجر فحم، وأم ربة منزل، من أسرة مرموقة، وشقيقين هما لبيب ونزيهة، بالإضافة إلى أخ غير شقيق يُدعى سامي، ثم انتقلت أسرته للقاهرة عام 1936، بعد وفاة والده، حيث التحق بمدرسة التجارة، وأتقن الإنجليزية وألفرنسية، وتخرج فى عام 1946، وتنقل بين وظائف مختلفة، وسافر لأكثر من مكان.
جندته المخابرات المصرية للعمل لصالحها فى إسرائيل عام 1956، ونجح «الهجان» فى مد مصر بالكثير من المعلومات الحساسة طوال فترة تجنيده، حيث أمد مصر بموعد الحرب الإسرائيلية على مصر فى يونيو عام 1967 ، كذلك أمد المخابرات المصرية بأدق التفاصيل عن خط بارليف الإسرائيلي، قبيل حرب 1973، وأسس شركة سياحية داخل إسرائيل اسمها «سى تورز»، ولم يستطع أن يكشفه أحد.
إلا أن الجانب الإسرائيلى أشاع أنه كان «عميلًا مزدوجًا» جنده جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى «الشاباك»، بعد أن اكتشف أمره، وأن قصته كانت إحدى قصص الخداع الإسرائيلى لمصر خلال فترة ما قبل حرب يونيو، وعاد «الهجان» إلى مصر عام 1977 وتوفى بها فى 30 يناير 1982.
جمعة الشوان
اسمه الحقيقى أحمد محمد عبدالرحمن الهوان، ولد فى مدينة السويس عام 1937، واضطر إلى الهجرة منها مع أسرته إلى القاهرة، عقب هزيمة يونيو 1967 ضمن عملية التهجير التى شملت مدن القناة لظروف الحرب والقصف الجوى الإسرائيلي، بعدها حأول العمل فى القاهرة، ولكن وجد صعوبة، فاضطر إلى السفر إلى اليونان، وبتخطيط من «الموساد» الإسرائيلى تعرفت عليه جاسوسة إسرائيلية اسمها «جوجو» (أسلمت فيما بعد، وعاشت فى القاهرة) أغرته بحبها وطلبته للعمل بشركة والدها إلى أن قام الموساد بتجنيده مقابل 5000 جنيه إسترلينى شهريا و100 جنيه عن كل رسالة يرسلها بالحبر السري.
ولكن عند وصول «الشوان» إلى مصر طلب مقابلة الرئيس عبدالناصر، فقابله فى منزله بمنشية البكري، حيث سلمه «الشوان» المبالغ التى حصل عليها من «الموساد»، وأرسله عبدالناصر إلى المخابرات المصرية، حيث تم تجنيده عميلا لمصر داخل إسرائيل، ونجح «الشوان» فى إمداد مصر بالعديد من المعلومات المهمة التى ساعدت فى تحقيق انتصار 1973.
ومن أهم أعماله البطولية أنه استطاع الحصول لمصر على أصغر جهاز إرسال تم اختراعه فى ذلك الوقت، والذى كانت إسرائيل تمتلكه وتهدف من وراء امتلاكه إلى استخدامه فى نقل المعلومات السرية عن مصر لخدمة أهدافها.
وتوفى «الشوان» بمستشفى وادى النيل، عن عمر ناهز 74 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، بعد أن قرر المشير حسين طنطأوى علاجه على نفقة الدولة، بعد فترة طويلة من استجدائه المسئولين دون فائدة.