تعد رواية "الحرام" للأديب الكبير الراحل يوسف إدريس، الصادرة عام 1959، إحدى أهم رواياته التى صور فيها حياة عمال التراحيل وهم فئة مهمشة من طبقة الكادحين فى المجتمع القروى المصري.
تصور الرواية جوانب الظلم الاجتماعى الذى تعيشه طبقة مهمشة من طبقات المجتمع، وذلك من خلال بيان أن الحرام الذى وقعت فيه بطلة القصة يندرج فى دائرة حرام أكبر يقوم به أهل البلد الفقراء مع عمال التراحيل الذين هم أفقر منهم، فهو الحرام الحقيقي، وقد قدمت الرواية من خلال إطار فنى محكم ولغة شديدة العذوبة.
تدور أحداث الرواية فى إحدى بقاع الريف المصرى شمال الدلتا فى أربعينيات القرن العشرين، تبدأ الأحداث بالعثور على جثة طفل حديث الولادة تحت شجرة الصفصاف الواقعة بجانب ترعة القرية بواسطة الغفير عبد المطلب الذى ارتبك كثيرًا واضطرب تفكيره بعد أن وجد جثة الصغير ففكر فى إلقائها فى الترعة حتى يهرب من المسؤولية ولكن لم يحالفه الحظ فبدأ أهل العزبة بالظهور واحدًا تلو الآخر وعُرف بأمر الصغير فى جميع أرجاء التفتيش وبعد فحصه جيدا تبين أنه مات مخنوقًا، ووصل الخبر إلى المأمور فكرى أفندى والذى سرعان ما اتجه إلى المكان الذى وجدوا فيه الصغير، هاله المنظر ودارت به الأرض فلم يكن من المعتاد على أهل العزبة مثل هذه الحادثة التى أثرت فيهم جميعًا وزرعت الشك فى قلوبهم فمثالية أهل العزبة وعدم وقوعهم فى أخطاء مثل هذه لم تكن سوى ظاهريًا فقط.
سرد الكاتب حكاية واحدة من ضمن كثير من المآسى التى يعانى منها هؤلاء المساكين والتى تزامنت بدورها مع حكاية لندة بنت باشكاتب العزبة مسيحة أفندى الذى انتابه الشك فى ابنته بمجرد معرفة أمر جثة الصغير لأن لندة قد تجاوزت سن الزواج بفترة تحت وطأة العادات والتقاليد فراودته الشكوك حولها إلا أنها لم تكن أم الطفل ولكنها كانت خاطئة بدورها فقد تورطت فى علاقة غير مشروعة مع أحمد سلطان موظف التفتيش وفاجأت الجميع بهروبها معه وزواجهما.