كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، شاهدا على كثير من أيام العرب، من ذلك ما يسمى فى كتب التراث بـ حرب الفجار، وقد وقعت والنبى عليه الصلاة والسلام "فتى" فساعد أعمامه فى هذه الحرب، لكن ما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان "شهوده عليه الصلاة والسلام حرب الفجار":
قال ابن إسحاق: هاجت حرب الفجار ورسول الله ﷺ ابن عشرين سنة، وإنما سمى يوم الفجار بما استحل فيه هذان الحيان، كنانة وقيس عيلان، من المحارم بينهم.
وكان قائد قريش وكنانة حرب بن أمية بن عبد شمس، وكان الظفر فى أول النهار لقيس على كنانة، حتى إذا كان وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس.
وقال ابن هشام: فلما بلغ رسول الله ﷺ أربع عشرة سنة - أو خمس عشرة سنة - فيما حدثنى به أبو عبيدة النحوي، عن أبى عمرو بن العلاء: هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة، وبين قيس عيلان، وكان الذى هاجها أن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن أجاز لطيمة - أى تجارة - للنعمان بن المنذر.
فقال له البراض بن قيس - أحد بنى ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة : أتجيزها على كنانة؟ قال: نعم، وعلى الخلق. فخرج فيها عروة الرحال، وخرج البراض يطلب غفلته، حتى إذا كان بتيمن ذى طلال بالعالية، غفل عروة فوثب عليه البراض فقتله فى الشهر الحرام، فلذلك سمى الفجار.
قال ابن هشام: فأتى آت قريشا، فقال: إن البراض قد قتل عروة، وهو فى الشهر الحرام بعكاظ، فارتحلوا وهوازن لا تشعر بهم، ثم بلغهم الخبر فاتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم، فاقتتلوا حتى جاء الليل، فدخلوا الحرم فأمسكت هوازن عنهم، ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما، والقوم متساندون على كل قبيل من قريش وكنانة رئيس منهم، وعلى كل قبيل من قيس رئيس منهم.
قال: وشهد رسول الله ﷺ بعض أيامهم، أخرجه أعمامه معهم، وقال رسول الله ﷺ: "كنت أنبل على أعمامى" أي: أرد عليهم نبل عدوهم، إذا رموهم بها.
قال ابن هشام: وحديث الفجار طويل، هو أطول مما ذكرت، وإنما منعنى من استقصائه قطعه حديث سيرة رسول الله ﷺ.
وقال السهيلي: والفجار بكسر الفاء، على وزن: قتال، وكانت الفجارات فى العرب أربعة، ذكرهن المسعودي، وآخرهن فجار البرض هذا. وكان القتال فيه فى أربعة أيام: يوم شمطة، ويوم العبلاء، وهما عند عكاظ، ويوم الشرب - وهو أعظمها يوما - وهو الذى حضره رسول الله ﷺ، وفيه قيدا رئيس قريش وبنى كنانة: وهما حرب بن أمية، وأخوه سفيان أنفسهما لئلا يفروا.
وانهزمت يومئذ قيس إلا بنى نضر، فإنهم ثبتوا، ويوم الحريرة عند نخلة، ثم تواعدوا من العام المقبل إلى عكاظ، فلما توافوا الموعد، ركب عتبة بن ربيعة جمله ونادى: يا معشر مضر علام تقاتلون؟ فقالت له هوازن: ما تدعو إليه؟ قال: الصلح. قالوا: وكيف؟ قال: ندى قتلاكم، ونرهنكم رهائن عليها، ونعفو عن دياتنا.
قالوا: ومن لنا بذلك؟ قال: أنا. قالوا: ومن أنت؟ قال: عتبة بن ربيعة، فوقع الصلح على ذلك، وبعثوا إليهم أربعين رجلا فيهم حكيم بن حزام، فلما رأت بنو عامر بن صعصعة الرهن فى أيديهم، عفوا عن دياتهم وانقضت حرب الفجار.
وقد ذكر الأموى حروب الفجار، وأيامها، واستقصاها مطولا، فيما رواه عن الأثرم - وهو المغيرة بن على - عن أبى عبيدة معمر بن المثنى فذكر ذلك.