تعد رواية "دعاء الكروان" لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، واحدة من أبرز الروايات العربية وأكثر تأثيرا حتى الآن، ونشرت الرواية عام 1934، كتب طه حسين فى مقدمة الكتاب إهداء للكاتب عباس العقاد، استوحى الشاعر اللبنانى خليل مطران قصيدة من أجواء الرواية، ترجمت الرواية إلى اللغة الفرنسية عام 1949، حولت الرواية إلى فيلم سينمائى عام 1959 من إخراج هنرى بركات، وقد شارك طه حسين بصوته فى نهاية الفيلم.
فى هذه الرواية الخالدة التى أبدعها عميد الأدب العربى، يمتزج تغريد الكروان الشجى بصرخات القهر والظلم. وعلى لسان "آمنة"؛ الفتاة الريفية رقيقة الحال يحكى لنا "طه حسين" قصة العوز والترحال، ثم التعرض للغدر والانتهاك، وفعل المستحيل من أجل الثأر والانتقام، وهى القصة التى استقاها المؤلف من الواقع، وما زالت تلامس واقع كثير من المجتمعات المعاصرة التى تضطهد فيها المرأة وتهضم حقها. ولا عجب أن يسلب الفيلم السينمائى المأخوذ عن الرواية عقول وأفئدة جمهور الفن السابع متبوئا موقعا متقدما فى قائمة أفضل ما أنتجته السينما المصرية على مدار تاريخها.
ينتقد فيها المجتمع المحافظ المتزمت الذى ينظر إلى المرأة على أنها عورة فقط ويجب أن تحجب عن العالم، ويتناول أيضًا ما يوليه هذا المجتمع من انتقاص وظلم للمرأة وحقوقها، حيث تحكى قصة دعاء الكروان معاناة النساء بداية مع الأم التى يتركها زوجها هى وأبناءها ساعيا وراء أهوائه وشهواته تتقاذفهم أمواج البؤس والضياع والفقر، فالأم زهرة وابنتها الكبرى هنادى والصغرى آمنة هى العائلة التى تدور حولها أحداث القصة، وبسبب فساد الأب يتعرض للقتل.
وتتعرض العائلة بسبب ذلك لفضيحة تضطر على إثرها أن تغادر القرية بضغوط من الناس هناك، فتغادر الأم وابنتيها القرية دون أن يكون هناك وجهة محددة تقصدها، إلى أن تستقر فى المدينة مع إظهار الفرق بين القرية والمدينة من حيث الثقافة والحضارة وغيرها، وبسبب الفقر والحالة المزرية التى تعيشها العائلة تضطر هنادى وآمنة أن تعملا خدما فى البيوت، حيثُ تعمل هنادى فى بيت مهندس شاب وهو ناظر الرى، ويخدعها هذا المهندس بأنه يحبها حتى تقع فى حبه وتسلمه جسدها، وتخبر الأم شقيقها بما حصل مع هنادى وهى تعلم أنه سيقتلها ليغسل العار الذى ألحقته بالعائلة، فجاء الخال وأخذ هنادى وقتلها فى مكان بعيد على صوت الكروان الحزين، وطلب من أمها وأختها نسيانها إلى الأبد، بعد هذه الحادثة تتمرد آمنة على خالها وعادات قريتها أو عادات القبيلة كما تدعى، وتقرر آمنة أن تنتقم لأختها وقد كانت تعمل لدى عائلة المأمور التى كانت تعاملها كأنها أحد أفراد العائلة، وصارت صديقة لابنة المأمور خديجة، واستطاعت خديجة أن تعلم آمنة حب الثقافة والقراءة. ولكن تحدث المفارقة عندما يخطبُ المهندس ناظر الرى ابنة المأمور وتقع آمنة فى حيرة أن تخبر عائلة المأمور أم لا عما صدر عن ناظر الري، لأن ابنة المأمور قد أحبت المهندس لكن آمنة فى النهاية تخبرهم وتلغى هذا الزواج، بعد ذلك تغادر عائلة المأمور المدينة فتعمل آمنة خادمة عند المهندس ناظر الرى وتريد أن تنتقم منه، لكنها تقع فى حبه ويقرر أن يتزوجها، وهذا الأمر ما لا تقبله العائلة، وعندما يصل الخبر إلى القرية ينطلق الخال ليغسل العار مرةً أخرى، ويَختمُ طه حسين روايته بانهيار آمنة وانسحابها من هذه الدوامة التى لم تعد تطيقها دون أن يكون هناك نهاية واضحة لأحداث القصة.