استطاع الكلب أن يحجز مكانة مهمة فى تاريخ الحضارت القديمة، حتى فى الأديان أيضا، وفى اليوم العالمى للكلب نلقى الضوء على دور الكلب كحارس أسطورى ونتوقف عن أنوبيس فى الحضارة المصرية القديمة، وكلب أهل الكهف كما وردت فى القرآن الإسلامى.
أنوبيس الحضارة المصرية القديمة
كان قدماء المصريين يؤمنون بالحياة الأخرى بعد الموت، لذلك لجأوا إلى التحنيط كى يحتفظ الجسد بما يمكنه من العودة مرة أخرى إلى الحياة، وقدم كتاب "الموتى" الشهير عن الحضارة المصرية الرحلة الكاملة للموت والجنائزية مرورًا بالعالم السفلى ومواجهة الأخطار ثم الخروج إلى قاعة الحساب أمام الإله أوزيريس، فيجيب عن الأسئلة، ويوزن قلبه، قبل الحكم عليه إما بالفناء أو بالمرور إلى جنة القصب.
وجزء أساسى من هذه الرحلة يكون "أنوبيس" أحد أهم الآلهة فى مصر القديمة، والموصوف بعدة أوصاف منها إله الموتى، وحارس المقبرة، وإله التحنيط.
وظيفة أنوبيس – بحسب كتاب الموتى – تبدأ منذ الموت، فتشمل التحنيط، ونزع قلب الميت، وحراسة مقبرته، ثم إيقاظه ليوم الحساب، وتسليمه لقاعة المحاكمة. أى أن وظيفته تبدأ بالموت، وتنتهى بالحساب. وبين الفترتين يحرس المقبرة.
كلب أهل الكهف
يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير:
"وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ" قال شعيب الجبائي: اسم كلبهم حمران، وقال غيره: الوصيد، اسكفة الباب، والمراد أن كلبهم الذى كان معهم، وصحبهم حال انفرادهم من قومهم، لزمهم ولم يدخل معهم فى الكهف، بل ربض على بابه، ووضع يديه على الوصيد، وهذا من جملة أدبه، ومن جملة ما أكرموا به، فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب.
ولما كانت التبعية مؤثرة حتى كان فى كلب هؤلاء صار باقيا معهم ببقائهم، لأن من أحب قوما سعد بهم، فإذا كان هذا فى حق كلب، فما ظنك بمن تبع أهل الخير وهو أهل للإكرام.
وقد ذكر كثير من القصاص والمفسرين لهذا الكلب نبأ وخبرا طويلا أكثره متلقى من الإسرائيليات، وكثير منها كذب، ومما لا فائدة فيه، كاختلافهم فى اسمه ولونه.
وأما اختلاف العلماء فى محلة هذا الكهف، فقال كثيرون: هو بأرض أيلة، وقيل: بأرض نينوى، وقيل: بالبلقاء، وقيل: ببلاد الروم وهو أشبه، والله أعلم.
ولما ذكر الله تعالى ما هو الأنفع من خبرهم، والأهم من أمرهم، ووصف حالهم، حتى كأن السامع راءٍ، والمخبر مشاهد لصفة كهفهم وكيفيتهم فى ذلك الكهف، وتقلبهم من جنب إلى جنب، وأن كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد.
قال: "لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبا } أي: لما عليهم من المهابة والجلالة فى أمرهم الذى صاروا إليه، ولعل الخطاب ههنا لجنس الإنسان المخاطب لا بخصوصية الرسول ﷺ، كقوله: "َمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ " [التين: 7] أي: أيها الإنسان، وذلك لأن طبيعة البشرية تفر من رؤية الأشياء المهيبة غالبا.
ولهذا قال: "لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبا" ودل على أن الخبر ليس كالمعاينة، كما جاء فى الحديث لأن الخبر قد حصل، ولم يحصل الفرار ولا الرعب.
ثم ذكر تعالى أنه بعثهم من رقدتهم بعد نومهم بثلاثمائة سنة وتسع سنين فلما استيقظوا، قال بعضهم لبعض: "كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْما أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ" أي: بدراهمكم هذه، يعنى التى معهم إلى المدينة، ويقال كان اسمها دفسوس.