قال الدكتور أحمد رجب محمد عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة عندما نشير إلى دور الدولة فى حماية الآثار، علينا أولًا أن نثنى على الجهود الملموسة، خصوصًا فى الفترة الأخيرة، وفى السنوات القليلة الماضية، من حيث اتجاه الدولة إلى العناية والرعاية بهذه الآثار على اعتبار أنها الكنز القومى الأول لمصر.
جاء ذلك خلال ندوة "حماية الآثار مسئولية الدولة والمجتمع.. الآثار المملوكية نموذجًا"، بالمجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور هشام عزمى، والتى نظمتها لجنة التاريخ والآثار بالمجلس بمشاركة الدكتور عبد العزيز صلاح سالم، رئيس قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، والدكتور محمود مرسى يوسف، أستاذ العمارة الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، وأدارها الدكتور أحمد رجب محمد، عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة، وقد روعى تطبيق الإجراءات الاحترازية المقررة بهدف الوقاية من فيروس كورونا.
وتساءل الدكتور أحمد رجب محمد، قائلًا: لماذا اختيرت الآثار المملوكية بالذات نموذجًا؟ ثم أجاب فى الحقيقة أنه وقع اختيارنا على الآثار المملوكية تحديدًا على أساس أنها تمثل الطراز القومى الأساسى للحضارة الإسلامية فى مصر، ليس من حيث فترتها فحسب، ولكن إلى حتى هذه اللحظة، فمازال الطراز المملوكى هو الطراز الذى تفردت به مصر، كما أن نوعيه الآثار لهذه الحقبة تفردت بها مصر دونًا عن باقى البلدان.
وأضاف عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة، أنه تم اختيار العصر المملوكى كذلك كونه عصر الإنجازات، فهو العصر الذى أصبحت فيه مصر علامة كبيرة لها عمارة وفنون إسلامية يفتخر بهما، واستعرض العواصم الإسلامية لمصر مثل: "الفسطاط، العسكر، القطائع، والقاهرة"، وفى عهد صلاح الدين الأيوبى تم إحاطة كل هذه العواصم بسور، سمى بسور القاهرة أو سور صلاح الدين، وهى كانت بداية فكرة القاهرة الكبرى.
وقال الدكتور عبد العزيز صلاح سالم، فى الواقع إننا نكون أمام حالة شديدة الخصوصية عندما نتحدث عن مصر وعندما نتحدث عن الآثار المصرية، فمصر لديها العديد من المواقع الأثرية بأنواعها كافة، بداية من الفرعونية وصولًا إلى الإسلامية.
وأشار الدكتور عبد العزيز صلاح سالم، إلى أن حماية الآثار مسئولية مشتركة بين الدولة والمواطن والمجتمع، ولكى نضع أيدينا على هذه المسئوليات، ينبغى أولًا أن نتعرف على كيفية حماية الآثار، فالحماية تأتى من التحديات، ومسئولية الدولة تبدأ من سنها للقوانين والتشريعات التى توفر الحماية الآثار بمختلف أنواعها، أما مسئولية المواطن فتنطلق من خلال احتكاكه بالآثار وإدراكه لأهميتها.
وأضاف الدكتور عبد العزيز صلاح سالم، أن المواطنين الذين يسكنون بجانب الآثار أو بالقرب منها هم خط الدفاع الأول عنها وحماتها، كما أن هناك مسئولية أخرى، ألا وهى المسئولية الدولية المتمثلة فى عدة جهات معنية، مثل أولى الجهات فى العالم وهى منظمة "اليونسكو"، التى وضعت بدورها عددًا من الاتفاقيات الدولية المنوط بها حماية الآثار، وأشار إلى أن الآثار المملوكية تتجلى فيها العديد من القيم الجمالية والشواهد التاريخية، وامتازت بظهورها فى شكل مجمعات متكاملة، وفى مختتم كلمته استعرض بعضًا من أهم نماذج الأثار المملوكية.
وأما عن دور المماليك فى إبراز قوة الدولة المصرية، فقال الدكتور محمود مرسى يوسف، إن أزهى عصور الآثار الإسلامية فى مصر هو العصر المملوكى، وقام بعرض بعض الجوانب المهمة فى التاريخ المصرى ممثلًا فى حقبة المماليك بشقيها سواء، "المماليك البحرية أو المماليك الجراكسة".
وأوضح الدكتور محمود مرسى يوسف، أن الطراز الإسلامى المملوكى يعد هو الطراز القومى المصرى، فالدولة المملوكية تمثل علامة فارقة فى التاريخ المصرى، وهذا بسبب أن المماليك اهتموا بفكرة قوة الدولة الشاملة، وهى الاهتمام بعدة نواحى مثل: "الدينية، التعليمية، الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، العسكرية"، فكانت مصر فى تلك الفترة هى الدولة المهيمنة على العالم، كما أشاد بدور الدولة واهتمامها لحماية الآثار وترميمها والحفاظ عليها.