يقول الشاعر الكبير أمل دنقل: كنت فى كربلاء قال لى الشيخ: إن الحسين مات من أجل جرعة ماء، وتساءلت كيف السيوف استباحت بنى الأكرمين؟، فأجاب الذى بصرته السماء/ إنه الذاهب المتلألئ فى كل عين: إن تكن كلمات الحسين وسيوف الحسين سقطت دون أن تنقذ الحق من ذهب الأمراء/ أفتقدر أن تنقذ الحق ثرثرة الشعراء.
فى العاشر من شهر محرم من عام 61 هجرية انتهت معركة كربلاء بعد ثلاثة أيام، لكنها انتهت بفاجعة مقتل الإمام الحسين بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهما، وهى صفحة سوداء فى التاريخ لا يمحوها شىء ولا يقلل من قيمتها حدث آخر كبر أو صغر، فما حدث فى كربلاء هو خيانة من المحبين وانقلاب ومؤامرة قامت بها أطراف سياسية عدة فى الدولة الناشئة التى لم يمر على تكوينها 60 عاما، مؤامرة "حيكت بليل" للإطاحة بـ"رمز" دينى وسياسى مهم، يؤرق وجوده "المملكة" التى أنشأها بنى أمية وكان أول ملوكها "معاوية بن أبى سفيان"، وأول طقوس "التملك" تمثلت فى توريث "الابن" فى حركة غيرت مفهوم التاريخ الإسلامى بعد ذلك، وكان الحسين بن على يمثل "حجرا صلدا" فى وجه المطامع الدنيوية لبنى أمية.
وفى البداية والنهاية لابن كثير فى الجزء الثامن، كتب يقول فكل مسلم ينبغى له أن يحزنه قتله رضى الله عنه ويقصد "الحسين"، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التى هى أفضل بناته، وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا.
قال عنه ابن تيمية فى كتابه "رأس الحسين"، وقد أكرمه الله بالشهادة وأهان بذلك من قتله، أو رضى بقتله.. الاتهام يدخل دائرة لا رجوع لها بين كل الأطراف، كل طرف يأخذ بناصية البراءة ويجرها ناحية فريقه ويتهم الآخر، ولا يهمهم الدم الذى تفرق بين القبائل، نجلد ذواتنا فى انتظار أن يخرج علينا من يبرئنا جميعا، كما حدث مع اليهود الذين تمت تبرئتهم بعد قرابة الألفى عام من مقتل المسيح عليه السلام.