نشاهد، اليوم، تمثال "المفكر" للنحات الكبير "رودان" والتمثال تحفة فنية تعبّر عن عملية التفكير عند الإنسان وتجسّد قوّة العقل ودوره فى إبداع الأفكار، وأنجز أوجست رودان تمثال المفكّر فى نهايات القرن التاسع عشر واستغرق العمل عليه عشر سنوات، ومنذ ذلك الحين يُنظر إلى التمثال باعتباره أحد أفضل الأعمال النحتية على مرّ العصور.
ولد رودان فى باريس ونشأ فيها، ومنذ صغره كان يريد أن يصبح فنّانا، غير أن مدرسة الفنون فى باريس رفضت قبوله كطالب، فعمل كحرفى وقاطع أحجار قبل أن يلتحق للعمل بأحد الأديرة.
وهناك لاحظ رئيس الدير ميله للنحت وشجّعه على أن يصبح نحّاتا، فتعلم طريقة شقّ الحجر وصبّ الفولاذ فى الفجوات وغيرها من المهارات الفنية اللازمة فى النحت.
تمثال المفكّر عمل نحتى عظيم، وقد قصد رودان ألا يطلق عليه اسم مفكّر أو فيلسوف محدّد، بل فضّل أن يمثّل الإنسان، كلّ إنسان، من حيث كونه عقلا يفكّر ويتأمّل ويبدع.
ويكمن نجاح رودان فى انه تمكّن من تمثيل عملية التفكير، وهى شىء لا يمكن رؤيته أو لمسه.
والتمثال يظهر رجلا ضخم الجثّة ومسندا رأسه إلى يده وهو مستغرق فى التفكير العميق. بل إن أصابع قدميه منغرسة فى الأرض من فرط تركيزه واستغراقه.
تأثر رودان بواقعية مايكل أنجيلو لكنه كان أيضا مهتمّا بأعمال الانطباعيين الذين كانوا يعيشون فى باريس آنذاك.
وتمثال المفكّر لـ رودان هو اليوم من مقتنيات متحف المتروبوليتان فى نيويورك.