تمر اليوم الذكرى الـ831، على تتويج الملك ريتشارد الأول، المعروف بـ قلب الأسد، ملكا على إنجلترا، وذلك فى 3 سبتمبر عام 1189، خلفا لوالده هنرى الثانى ملك إنجلترا، لكن يبدو أن خبر تتويج ريتشارد كان خبراً سيئاً ليهود إنجلترا، الذين منعوا من الاحتفال، وكذلك النساء، وتم تجريد الشخصيات اليهودية التى تجرأت على تحدى المرسوم وظهر عليها وهى تحمل هدايا للملك الجديد، وجلدت وأبعدت من المحكمة.
وتذكر عدد من المراجع التاريخية أنه انتشرت شائعة بأن ريتشارد أمر بقتل جميع اليهود، فقام سكان لندن بارتكاب مجزرة بحقهم، وتعرض الكثير منهم للضرب حتى الموت، وللسرقة، كما حرق بعضهم أحياء، هدمت العديد من منازلهم، وتعرض بعضهم للتعميد قسراً، اتخذ بعضهم من برج لندن ملاذاً، بينما فر الآخرون للحفاظ على حياتهم.
كما ادعى البعض أن مرتكبي هذه الجرائم كانوا مجرد مواطنين غيورين ومتعصبين، وأن الملك ريتشارد قام بمعاقبتهم، كما قام بالسماح لليهود الذين أجبروا على ترك دينهم بالعودة إلى اليهودية، يشار إلى أن مشاركة ريتشارد في الجرائم ضد اليهود لم يثبت قط.
وبحسب ما يذكره كتاب "المسألة اليهودية" للدكتور عبدالله حسين، فأثناء احتفال ريتشارد بتتويجه ملكا أشاع الغوغاء فى إنجلترا أن الملك الجديد أمر بذبح اليهود، وسرعان ما كانوا فريسة السلب والنهب، وكانت دورهم عرضة للحريق والدمار، وزاد هذا حين خرج الملك بعدها فى الحرب الصليبية.
ويذكر المؤلف أنه قد حدث فى "يورك" أن أحد الرهبان كان بين محاصرى قلعة لجأ إليها اليهود، وقد رماه أحد هؤلاء بحجر فثارت ثائر المحاصرين للقلعة، واضطر اليهود أن يقتلوا أنفسهم بأيديهم، فقد ذبح رئيسهم "جوس" زوجته وأولاده، وذبح الكاهان اليهودى بوم توساس جوينى- جوس، ثم قتل نفسه، وقد حبس الملك جون جميع اليهود بعد ذلك وصادر أموالهم.
وبحسب عدد من التقارير، كان الشعور المعادى لليهود بدأ فى التصاعد فى أوروبا فى القرن الثانى عشر، والذى أشعله الحماس المسيحى للحروب الصليبية، والذي وجه العدوان ضد اليهود في جميع أنحاء إنجلترا وفرنسا وألمانيا، وكذلك ضد المسلمين في الأراضي المقدسة.
ملك إنجلترا الجديد ريتشارد كنت على وشك الانطلاق في الحملة الصليبية بنفسه، وانتشرت أعمال الشغب عبر إنجلترا منذ أن منع اليهود البارزون، بمن فيهم بنديكت يورك، من الدخول إلى مأدبة تتويج الملك ريتشارد الأول في عام 1189، وكان بنديكت أغنى يهودي في يورك وأصيب بجروح قاتلة في إطلاق النار على وستمنستر.
وأثناء فرارهم، انتشرت شائعات فى لندن تفيد بأن الملك الجديد يكره "الكفار" حسب وصفه، ويعنى قتلهم جميعًا، وتلا ذلك مذبحة، لقد تم نهب يهود لندن وقتلهم، وتم إحراق منازلهم وتعميد بعضهم ضد إرادتهم، امتدت الفوضى فى تلك الليلة إلى الأسر المسيحية الغنية أيضًا، لكن لم يُحاسب أحد على الإطلاق.
مع انتشار تقارير الذبح، امتدت الهجمات على اليهود إلى مدن إنجليزية أخرى: بعد بضعة أشهر، فى 16 مارس 1190، بناء على دعوة الحاخام يومتوف من جوينى، قتل حوالى 500 يهودى فى يورك عائلاتهم وأنفسهم بدلاً من أن يكونوا قسراً تحويل أو ذبح من قبل الغوغاء، وبالفعل استسلم أكفاء الناجين للصليبيين لكنهم قتلوا.