تعد رواية "مالك الحزين" للأديب الكبير الراحل إبراهيم أصلان، أحد أشهر وأهم الروايات العربية المعاصرة، أحد أبرز أدباء جيل الستينيات فى مصر، وهى الرواية التى استغرق فى كتابتها نحو 9 سنوات ليقدّم لقارئه وللوسط الإبداعى المزدحم بالروائيين والروائيات درة إبداعية فريدة فى بنيتها وأطروحتها التى تكاثفت حول حى "الكيت كات" كمشترك مكانى وبؤرة رمزية سيعبر بها الزمان نحو ثقب أسود.
وقد اختيرت الرواية واحدة من بين أهم مائة رواية عربية، تدور أحداث الرواية فى حى إمبابة فى القاهرة تحديداً فى منطقة الكيت كات، وتدور أحداثها حول عالم مغترب يتغير أبطاله ويعانى كل منهم من همه الخاص واغترابه الخاص، شخصيات الرواية أكثر من 115 شخصية، رغم الحجم المتوسط نسبياً للرواية.
يوسف النجار نموذج للشباب المغترب، وفاطمة، فتاة بسيطة فقيرة تحب يوسف النجار من طرف واحد وتحاول أن تغويه، الشيخ حسنى، شيخ ضرير يعيش فى المنطقة ويعانى من اغتراب ووحدة يحاول أن يتكيف معها بطرق طريفة ومضحكة، المعلم صبحى، التاجر الغنى يحاول أن يشترى القهوة الرئيسية فى المنطقة والتى تمثل معلماً بارزاً فى حياة الأبطال ليقوم بهدمها وبناء عمارة محلها، المعلم عطية، صاحب المقهى،الهرم، بائع المخدرات فى المنطقة.
مالك الحزين تستقى اسمها من ذلك الطير الجميل الذى يعيش على الأنهار طالما هى موجودة، وإن غارت أو جفت دخل مرحلة الحزن النبيل وسيعبّر عنه بتغريدات حزينة كمن أصيب بفاجعة، ونعتقد فى هذا الصدد أن التسمية الرمزية تحيل إلى الشعب المصرى المُعبّر عنه بمجتمع الكيت كات المعرّض للانهيار بالرغم مما يتّصف به من طيبة وجمال ونبل.
وربما من الأسباب التى ساعدت فى انتشار الرواية بجانب الإبداع الفنى من مؤلفا، إلى تحويله إلى عمل سينيمائى تحت مسمى الكيت كات على يد داود عبد السيد عام 1991، من بطولة النجم الراحل محمود عبد العزيز، وقد تم دمج بعض الشخصيات وتغيير دور شخصيات أخرى واخفاء شخصيات أخرى، ولكن ظلت الرواية هى الخط الأساسى للفيلم.
ومن بعد هذا الفيلم تحولت الكيت كات تحولت إلى قلب العالم وأصبح "الشيخ حسنى" نسبة للشخصية التى قام بها الفنان الكبير محمود عبد العزيز، الشخصية الوحيدة التى ناقشت "سى السيد" بطل ثلاثية نجيب محفوظ على شاشة السينما، وذلك رغم ما فيها من تيه لكنها فى الوقت نفسه ممتلئة بحب الحياة، ورغم أن الهزائم تنهى أحلامها لكنها شخصية لا تيأس فهى دائما ترى الأمل واضحا فى نهاية الطريق.