بدأت، اليوم الجمعة، أولى أيام السنة المصرية القديمة (6262) والسنة القبطية (1737)، بما يدل على أن الحضارة المصرية القديمة عرفت بشكل واف التقويم الذى ساعدها فى الزراعة ومواجهة تقلبات الطقس.
وقد كان المصريون القدماء قد استندوا فى تقويمهم إلى دورة الشمس، وجعلوا من الشهر وحدةً لا تتطابق مع دورة القمر الفعلية، فقد استنبطوا سنة مكونة من 360 يوماً، وفيها 12 شهراً يتألف كل منها من 30 يوماً.
وتستغرق الشمس، وفق حساباتهم، 365 يوماً لاستكمال رحلتها فى السماء، فقد أضافوا 5 أيام فى نهاية سنة الـ360 يوماً، وكانت تلك الأيام المُضافة تُعَامَل بمثابة "أيام عيد الحصاد"، ووفقاً لحسابات عالم الآثار الأمريكى جيمس هنرى برستد James Henry Breasted، اعتمد المصريون القدماء تقويم الـ365 يوم هذا فى العام 4236 قبل الميلاد، و يعتبر أقدم التقاويم الملائمة عملياً فى تاريخ الحضارة البشرية.
وكان شغف شعب مصر بالنيل دفعه إلى رصد موعد فيضانه، وجد أن أول بشائر المياه السمراء تظهر مع مطلع نجم ثابت معين، يبدو، ويشرق بوضوح فى سماء معبد أون (هيليوبوليس) فى نفس اللحظة التى تشرق فيها الشمس.
وهو نجم "سبدت" أو سيروس (الشعرى اليمانية) وهو أول مجموعة من النجوم المعروفة باسم (الكلب الأكبر) وبعد قيامهم بمراقبة ذلك النجم ورصده عدة سنوات توصلوا إلى تحديد طول دورته الفلكية أو الدورة الشمسية بدقة متناهية، والتى حددوا طولها، أو طول السنة الشمسية 365 يوماً وخمس ساعات و 49 دقيقة و 45.5 ثانية (أى بفارق يوم كل 128 سنة). فوضعوا ذلك المقياس الزمنى أساساً لتقويمهم، وكان ظهور نجم الشعرى اليمانية الذى يعلن ميعاد الفيضان هو يوم ميلاد العام الجديد، والذى أطلقوا عليه اسم التقويم التحوتى نسبة إلى المعبود "تحوت" إله المعرفة وقياس الزمن.
وتبعاً لعلاقة ذلك التقويم بفيضان النيل وحياة مجتمع مصر الزراعى وما ارتبط به من مواسم رى الأرض وزراعتها، وحصاد المحاصيل وجمعها. قسموا السنة إلى ثلاثة فصول.. طول كل منها أربعة أشهر. أولها: فصل الفيضان، ويبدأ من شهر يوليو إلى أكتوبر. ثانيها: فصل بذر البذور، ويبدأ فى شهر نوفمبر. ثالثها: ويبدأ من شهر مارس، وهو فصل الحصاد والربيع. وهكذا.. تكونت السنة من 12 شهراً، وكل شهر من ثلاثة ديكانات. والديكان من عشرة أيام - أى أن مجموع أيام السنة 360 يوماً، أضافوا إليها الأيام الخمسة المكملة للتقويم.. أطلقوا عليها اسم الأيام الخمسة المنسية التى ولد فيها الآلهة الخمسة: ( أوزوريس- إيزيس- ست- نفتيس- حورس). ثم أضافوا إليها يوماً سادساً كل أربع سنوات قدموه هدية للمعبود "تحوت" (الذى علمهم الحرف والكلمة والتقويم.