يوجد شيء يناقشه الناس كثيرا هو "ضرب المرأة فى الإسلام"، وعادة نجد ثلاثة أنماط من الناس يتفقون فى المبالغة فيه، هم الجاهلون بالدين، والمتربصون به، والمتطرفون، هؤلاء يذهبون إلى أن ضرب المرأة جزء أساسى من أسس التعامل بين الرجل وامرأته والرجل وابنته.
المرأة قبل الإسلام
من الواضح أن التعامل مع المرأة قبل الإسلام كان يتم فى عنف واضح، وكان ضرب النساء يقع - فى نشوز وفى غير نشوز- فالنظر إلى ما تناقلته الكتب عن "وأد البنات" يكشف بما لا يحتاج إلى تأكيد أنها كانت فى أسوأ حالاتها.
ثم جاء الإسلام.. واختلفت الحالة تماما، وصارت المرأة شقيقة الرجل بالمعنى الفعلى، وصار لها رأيها وعلمها ومالها ومكانتها، ولو بحثنا فى التاريخ سوف نجد قرارات كبرى أثرت فى المجتمع كانت المرأة باعثته والسبب فى وجوده.
لكن ماذا نقول، وقد ورد فى القرآن الكريم، ما يدل على فعل "الضرب" يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة النساء "واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " .
سوف نلجأ إلى أحد التفاسير المشهورة والمعروفة، وذلك بما يعنى سهولة الوصول إليه، وهو تفسير ابن كثير، يقول:
القول فى تأويل قوله تعالى "واضربوهن" عن سعيد بن جبير "واضربوهن" قال: ضربا غير مبرح، حدثنا ابن حميد قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: أخبرنا أبو حمزة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، مثله.
وعن ابن عباس "واهجروهن فى المضاجع" واضربوهن، قال: تهجرها فى المضجع، فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح، ولا تكسر لها عظما، فإن أقبلت، وإلا فقد حل لك منها الفدية
وعن ابن جريج، عن عطاء، قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح، قال: السواك وشبهه يضربها به.
وخلاصة كلام أهل الفقه:
المالكية وبعض الشافعية والحنابلة: يؤدبها بضربها بالسواك ونحوه، أو بمنديل ملفوف، أو بيده، لا بسوط، ولا بعصا، ولا بخشب، لأن المقصود التأديب.
قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
لا تضربوا إماء الله، فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذئر النساء على أزواجهن فرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون أزواجهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أطاف بآل محمد صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم ".
وعلق الإمام محمد رشيد رضا، "فى حقوق النساء فى الإسلام" فقال معلقا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليس أولئك بخياركم" قال: "فما أشبه هذه الرخصة بالحظر".
وفى هذا الأمر يكفى أن نستشهد بحديث للسيدة عائشة رضى الل عنها، قالت "ما ضرب رسول الله ﷺ شيئاً قطُّ بيده، لا امرأةً، ولا خادماً، إلا أن يجاهد فى سبيل الله، وما نيل منه شىء قطُّ فينتقم من صاحبه إلا أن يُنتهك شىء من محارم الله، فينتقم لله تعالى" رواه مسلم.
السؤال: من أين يأتي المتطرفون بأفكارهم؟
بعد كل هذا نجدنا نسأل: من أين يأتي العنيفون بأفكارهم، يقسون على زوجاتهم وأولادهم، مدعين أن هناك أصلا لذلك في الدين والشرع، يتحدثون عن حق الضرب، ولا يدركون المعنى المقصود، فقد أغلقت أفهامهم وغلظت قلوبهم.