شعر الكافرون بالخطر من الدين الإسلامي، لذا راحوا يهاجمون المسلمين ويستهزئون بالدين وبالنبى الكريم عليه الصلاة والسلام، فجاء الذكر الحكيم ردا عليهم ومفندا لأفكارهم وأقوالهم، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان "المستهزئون بالنبى صلى الله عليه وسلم وما ظهر فيهم":
فجعلت قريش حين منعه الله منها وقام عمه وقومه من بنى هاشم وبنى عبد المطلب دونه وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به، يهمزونه ويستهزئون به ويخاصمونه، وجعل القرآن ينزل فى قريش بأحداثهم، وفيمن نصب لعداوته، منهم من سمى لنا، ومنهم من نزل فيه القرآن فى عامة من ذكر الله من الكفار.
فذكر ابن إسحاق أبا لهب ونزول السورة فيه، وأمية بن خلف ونزول قوله تعالى: "وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ" السورة بكاملها فيه.
والعاص بن وائل ونزول قوله: "أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدا" [مريم: 77] فيه.
وقد تقدم شىء من ذلك.
وأبا جهل بن هشام وقوله للنبى ﷺ: لتتركن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذى تعبد.
ونزول قول الله فيه: "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوا بِغَيْرِ عِلْمٍ" [الأنعام: 108] الآية.
والنضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة، ومنهم من يقول علقمة بن كلدة قاله السهيلى، وجلوسه بعد النبى ﷺ فى مجالسه حيث يتلو القرآن ويدعو إلى الله، فيتلو عليهم النضر شيئا من أخبار رستم واسفنديار وما جرى بينهما من الحروب فى زمن الفرس، ثم يقول: والله ما محمد بأحسن حديثا مني، وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبها.
فأنزل الله تعالى: " وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِى تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا" الفرقان: 5
وقوله: "وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ" [الجاثية: 7] .
قال ابن إسحاق: وجلس رسول الله ﷺ - فيما بلغنا - يوما مع الوليد بن المغيرة فى المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم فى المجلس، وفى المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله ﷺ فعرض له النضر فكلَّمه رسول الله ﷺ حتى أفحمه.
ثم تلا عليه وعليهم: "إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ * لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ" الأنبياء: 98 - 100.
ثم قام رسول الله ﷺ وأقبل عبد الله بن الزبعرى السهمى حتى جلس.
فقال الوليد بن المغيرة له: والله ما قام والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد، وقد زعم محمد أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حطب جهنم.