أبو بكر الصديق فى طريقه للحبشة.. ماذا يقول التراث الإسلامى

نعرف جميعا دور أبى بكر الصديق فى البعثة المحمدية، وقد ضيق عليه كفار قريش حتى فكر فى الهجرة إلى الحبشة، لكن ما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك الأمر يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان "عزم الصديق على الهجرة إلى الحبشة": قال ابن إسحاق: وقد كان أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، كما حدثنى محمد بن مسلم ابن شهاب الزهرى عن عروة عن عائشة، حين ضاقت عليه مكة وأصابه فيها الأذى، ورأى من تظاهر قريش على رسول الله ﷺ وأصحابه ما رأى، استأذن رسول الله ﷺ فى الهجرة فأذن له، فخرج أبو بكر رضى الله عنه مهاجرا، حتى إذا سار من مكة يوما - أو يومين - لقيه ابن الدغنة أخو بنى الحارث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد الأحابيش. قال الواقدى: اسمه الحارث بن يزيد أحد بنى بكر من عبد مناة بن كنانة. وقال السهيلى: اسمه مالك. فقال: إلى أين يا أبا بكر؟ قال: أخرجنى قومى وآذونى وضيقوا على. قال: ولم؟ فوالله إنك لتزين العشيرة، وتعين على النوائب، وتفعل المعروف وتكسب المعدوم، ارجع فإنك فى جوارى. فرجع معه حتى إذا دخل مكة قام معه ابن الدغنة فقال: يا معشر قريش، إنى قد أجرت ابن أبى قحافة فلا يعرض له أحد إلا بخير. قال: فكفوا عنه. قالت: وكان لأبى بكر مسجد عند باب داره فى بنى جمح فكان يصلى فيه، وكان رجلا رقيقا إذا قرأ القرآن استبكى قالت: فيقف عليه الصبيان والعبيد والنساء يعجبون لما يرون من هيئته، قالت: فمشى رجال من قريش إلى ابن الدغنة. فقالوا له: يا ابن الدغنة إنك لم تجر هذا الرجل ليؤذينا، إنه رجل إذا صلى وقرأ ما جاء به محمد يرق وكانت له هيئة ونحن نتخوف على صبياننا ونسائنا وضعفائنا أن يفتنهم فأته فمره بأن يدخل بيته فليصنع فيه ما شاء. قالت: فمشى ابن الدغنة إليه فقال له: يا أبا بكر، إنى لم أجرك لتؤذى قومك. وقد كرهوا مكانك الذى أنت به، وتأذوا بذلك منك، فادخل بيتك فاصنع فيه ما أحببت. قال: أو أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله. قال: فأردد على جوارى. قال: قد رددته عليك. قال: فقام ابن الدغنة فقال: يا معشر قريش، إن ابن أبى قحافة قد رد على جوارى فشأنكم بصاحبكم. وقد روى الإمام البخارى هذا الحديث متفردا به وفيه زيادة حسنة. فقال: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، قال ابن شهاب: فأخبرنى عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبى ﷺ قالت: لم أعقل أبواى قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله ﷺ طرفى النهار بكرة وعشية. فلما ابتلى المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة، حتى إذا بلغ برك الغماد، لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجنى قومي، فأريد أن أسيح فى الأرض فأعبد ربي. فقال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج مثله، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار فارجع، فاعبد ربك ببلدك. فرجع وارتحل معه ابن الدغنة، وطاف ابن الدغنة عشية فى أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقرى الضيف، ويعين على نوائب الحق؟ فلم يكذب قريش بجوار ابن الدغنة، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره ويصلِّ فيها وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. فقال ابن الدغنة: ذلك لأبى بكر فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه فى داره، ولا يستعلن بصلاته، ولا يقرأ فى غير داره. ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرزوكان يصلى فيه ويقرأ القرآن، فيتقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه.. وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم. فقالوا له: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه فى داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره، فأعلن فى الصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتتن أبناؤنا ونساؤنا فإنه فإن أحب على أن يقتصر أن يعبد ربه فى داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد عليك ذمتك، فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبى بكر فقال: قد علمت الذى قد عاقدت عليه قريش فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترد إلى ذمتي، فإنى لا أحب أن تسمع العرب أنى أخفرت فى رجل عقدت له. فقال أبو بكر: فإنى أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل. ثم ذكر تمام الحديث فى هجرة أبى بكر رضى الله عنه مع رسول الله ﷺ كما سيأتى مبسوطا. قال ابن إسحاق: وحدثنى عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق قال: لقيه - يعنى أبا بكر الصديق - حين خرج من جوار ابن الدغنة - سفيه من سفهاء قريش وهو عامد إلى الكعبة فحثا على رأسه ترابا، فمرَّ بأبى بكر الوليد بن المغيرة - أو العاص بن وائل - فقال له أبو بكر رضى الله عنه: ألا ترى ما يصنع هذا السفيه؟ فقال: أنت فعلت ذلك بنفسك. قال: وهو يقول أى رب ما أحلمك. أى رب ما أحلمك. أى رب ما أحلمك.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;